د. عبدالله بن محفوظ
هناك فئات عاشت في أرض الحرمين وما زالت منذ فترة طويلة وحظي بعضهم بشرف الجنسية السعودية بينما لم يحظ آخرون بها ومع صدور اللائحة التنفيذية لنظام الجنسية السعودي الجديد لم تتحقق أحلامهم، حيث لم يستفد من هذه التعديلات سوى عدد ضئيل جداً من الأكاديميين وأصحاب المؤهلات العليا وممن لم تتجاوز مدة إقامتهم المتصلة في السعودية عن عشر سنوات فقط، وذلك بسبب اعتماد (نظام النقاط)، والذي يشترط حصول المتقدم على (23 نقطة) كحد أدنى لقبول طلبه ، بينما هناك فئات متعددة أقرب للجنسية السعودية وهم:
أولاً: من ولدوا في السعودية من أب وأم غير سعوديين، نشأوا ودرسوا وعملوا وتزوجوا وأقاموا إقامة طويلة ومتصلة حتى الآن داخل السعودية، حيث نجد أن نصف إخوانهم وأخواتهم سعوديون، وهم ما زالوا على قائمة الانتظار.
ثانياً: المتزوجون من سعوديات وقد رزقوا بذرية من الأولاد والبنات من هذا الزواج، وقد يستفيد الابن بحكم أن أمه سعودية بموجب المادة الثامنة، ولكن يظل الأب والبنات، والمعاملة محلك سر !
ثالثاً: أبناء السعوديين المقيمون في الخارج والراغبون في استرداد جنسية آبائهم.
رابعاً: أبناء القبائل الحدودية سواء في شمال السعودية أو جنوبها، مع أنهم قد صدر لهم أوامر سامية كريمة من الديوان الملكي (تصحيح وضع)، ولم يتم حسمها ،وأصبحت ظروف معيشتهم صعبة للغاية نظراً لبطء سير معاملاتهم .
خامساً: المرأة الأجنبية المتزوجة من سعودي ولديها أبناء سعوديون بالكامل ولم تحصل على الجنسية السعودية بسبب وفاة الزوج أو طلاقها منه أو تعنته بعدم قيدها لدى إدارة الأحوال المدنية. وان نظمت المادة (16) من نظام الجنسية والمادة (21) من اللائحة التنفيذية هذا الأمر فأجازت لوزير الداخلية منح الجنسية السعودية للمرأة الأجنبية المتزوجة من سعودي، أو التي توفى عنها زوجها السعودي، وفقاً لعدة ضوابط من بينها عقد نكاح وموافق عليه من وزارة الداخلية .. ولكن ما هو ذنبها إذا كان الزوج لم يلتزم بتعليمات وزارة الداخلية ؟!. فهل تستفيد من القرار رقم 2241/3/ م وتاريخ 22/9/1384هـ بأحقية (الأم) الأجنبية بطلب التجنس بالجنسية السعودية بصفتها والدة السعودي إذا أثبتت شرعاً أن ولاية ابنها عليها؟ .
سادساً: البنات المولودات لأب غير سعودي وأم سعودية، حيث تعطى لهن بطاقة إثبات لا تعفي من الإقامة وتبقى في نظر النظام (أجنبية) وليس أمامها فرصة للحصول على الجنسية سوى الزواج من سعودي، مع العلم أن النظام يمنع الزواج من غير السعوديات حتى لو كانت تربطهم صلة قرابة من أي درجة كانت، والغريب أن أخاها الذي حصل على الجنسية السعودية بموجب المادة (8) إذا تزوج بأجنبية تحصل على الجنسية السعودية بحكم زواجها منه بينما شقيقته التي أمها سعودية وولدت ونشأت وتعلمت داخل السعودية تبقى أجنبية !! فلماذا (التمييز) في منح الجنسية بين الأشقاء على الرغم أن أمهم سعودية ؟!.
كل هؤلاء تقدموا فعلاً بطلب الحصول على شرف الجنسية السعودية ولكن معاملاتهم مضت عليها عشرات السنين دون أي نتيجة تذكر، رغم السعي الحثيث والمتابعة المستمرة من قبلهم، نأمل إعادة النظر في حالات تجنس متوقفة حتى الآن ، ينتظرون التسهيل الإجرائي فقط لأنهم أصبحوا وبحكم الواقع جزءاً من نسيج هذا المجتمع السعودي ، ويختلفون من جميع النواحي عن المقيمين الجدد .. فأين يذهب من قضى في هذه الوطن ما يفوق الـ 30 عاماً ولا يعرف هو وأبناؤه وأحفاده غير هذا الوطن؛ ولدوا ونشأوا وتعلموا وعملوا وتزوجوا على هذه الأرض المباركة، وأصبحوا شركاء في الانتماء والوفاء والولاء والحب، بل ومنصهرين داخل النسيج الاجتماعي السعودي، يؤثرون ويتأثرون بالمتغيرات من حولهم، ومنهم الأطباء، والأدباء، والمهندسون، والصحفيون،والموهوبون، والمبدعون في كافة المهن التقنية، والإدارية، والحرفية، ومنهم من قضى عمره في خدمة هذا الوطن كل في مجاله، بل تجد أن كثيراً من هذه العائلات نصفها سعودي ونصفها الآخر غير سعودي وهم يسكنون تحت سقف واحد!.
وهناك مقترحات للنظر والدراسة وهي كالتالي:
أولاً: توجيه إلى الجهات المختصة بإعداد دراسة إحصائية واجتماعية وأمنية شاملة لتحديد وحصر هذه الحالات وعددهم، ومن ثم وضع تعديلات على النظام لتجنيس هؤلاء دفعة واحدة، وخلال فترة زمنية محددة، من أجل قفل هذا الملف نهائياً، ولكي تنتهي بموجبه معاناة هؤلاء الأفراد؛ ليعيشوا في ظل ضوابط أمنية وقانونية متوافقة مع الواقع القائم، بالإضافة إلى العوامل النفسية والاجتماعية المترتبة على ذلك والتي ستعود بالإيجاب على المجتمع.
ثانياً: في حالة تعذر تجنيس بعض هذه الحالات يتم منحهم جوازات سفر سعودية، و(أقامات دائمة) معفية من شرط الكفيل، يحق لحاملها العمل لدى القطاعين العام والخاص، ويطبق عليهم التقاعد لمن يعمل لدى القطاع العام، ونظام التأمينات الاجتماعية لمن يعمل لدى القطاع الخاص، ويعاملون معاملة السعوديين في هذا الجانب، حتى يتم تحسين وضعهم نظاماً.ختاماً هذا الفئة الوطنية تعيش منذ فترة بيننا ويتطلعون بكل رجاء وأمل إلى الله ثم إلى ولاة الأمر في هذه الوطن الغالي – حفظهم الله – من أجل صدور توجيهاتهم الكريمة بالنظر إلى المقترحات الموضحة أعلاه؛ تمهيداً لإنهاء وضعهم حتى يصبحوا رافداً إيجابياً لدعم مسيرة التنمية في المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والأمنية في هذه الوطن المبارك.