عدداً من الحالات الإنسانية المتفاوتة لعدد من السعوديات المتزوجات من أجانب وأبنائهن، حيث تحدثوا عن الكثير من المواقف التي تعرضوا لها، فهناك من أوقف واتهم أنه في خلوة غير شرعية مع والدته كونها سعودية وهو من جنسية أجنبية، وهناك من رفض طلبه في الالتحاق بالعمل كونه لايحمل بطاقة سعودية، وهناك من فقد فرصة الابتعاث الخارجي لأن البرنامج مقتصر على السعوديين فقط، وغيرها من هذه القصص المأساوية التي تبحث عن حل جذري.
معاناة البطاقة
يقول «محمد.ط»:»أنا شاب يمني من أم سعودية، تخرجت من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن كمهندس كهرباء، ثم اصطدمت بالسعودة مع أنه من المفترض أن أكون أحد ركائزها كما يقال عن أبناء السعوديات».
وأضاف: «أخبرت أحد الذين ينظمون مقابلات التوظيف في شركة سابك ، عن وضعي فاعتذر لي وقال لي «أحضر بطاقة الأحوال وأرتب لك المقابلات»، بمعنى أنه لا حقيقة لدعوى أن ابن السعودية يعامل كالسعودي، والكثير من أصدقائي نفس قضيتي حصلوا على الجنسية قبل توقفها وهم الآن في شركات كبرى».
ويستدرك «محمد.ط» قائلا «الغريب أن موظف الأحوال يحلف بالله أن معاملتي لا ينقصها إلا توقيع ، واسأل الله أن يفرج همومنا وان يلهمنا الصبر والسلوان».
مصير مجهول
ويسرد «محمد عطاالله» قصته قائلا ً «أنا من المدينة المنورة مشكلتي أن أكبر أبنائي «عبدالله» 12 عاماً، ولا أعلم كيف يمكن أن يكون مصيره،مع العلم أني متزوج من سعودية وجل إخواني وأخواتي لديهم الجنسية، إلا أنا لم استطع الحصول عليها».
وعن طريقة تجديد الإقامة يقول «محمد» كفيلي هو خالي وأنا كنت اعمل عنده في مطعمه لمدة لا تقل عن 25 عاماً، وحينما تعبت، اتجهت للعمل في مجال العقار ،والأمور تسير بالنسبة للتجديد ولا أجد أي مشكلات، ولكن أبنائي وهم ولدان وبنت ، لاتوجد لديهم مشكلة في التعليم ولكن في الصحة ألجأ لعلاجهم عن طريق أصدقاء لي، وبصراحة ينشغل تفكيري بمستقبلهم ووضعهم حينما يكبرون.
مشكلات بلا نهاية
وتروي»ر.الهاشمي»قصتها قائلة»أنا من أم سعودية الجنسية أبا عن جد، تزوجت الشخص الذي أخلص لوالدها وكان يعمل معه غير أنه من جنسية عربية، عاشت هذه الأم وأنجبت الكثير من الأبناء ، ولكن لم تكن تفكر في يوم أنها غاصت في مشكلات لانهاية لها بسبب أنها لم تتزوج من أبناء بلدها وكأنها تعاقب على شي قد قدره الله لها، وحينما جاءت أزمة الخليج سافر زوجها هو وأبناؤه بسبب أن أخاها يكرهه، ورفض أن يكفله فسافر إلى بلده حتى يحفظ كرامته، وهنا لم تستطع الأم ترك أبنائها والبقاء ببلدها حيث حاول أخوها أن يحرمها من أبنائها ولكنها رفضت وهاجرت مع زوجها ،وعانت الأسرة الأمرين بسبب الظروف المعيشة الصعبة، ولكن قدرالله لها وعادت هي وأبناؤها إلى بلدها، و لم تدع مهنة إلا وخاضتها». وتضيف: «صحيح أن أمي غير متعلمة ولكن ربت أبناءها وغرست فيهم كل معاني الحب و الانتماء لهذا البلد، ودرس الأبناء وتخرجوا وجاءت الوظيفة ولكن صدم الأبناء أنهم لا يعاملون مثل باقي أبناء هذا البلد ، فقد حرموا من الابتعاث ومن العمل بالوظائف الحكومية ، وغيرها من الأشياء التي يحرم منها أبناء المرأة المتزوجة من أجنبي ، وكلنا أمل أن تحل قضيتنا أنا وبقية إخوتي الذين يعانون الكثير من الضياع النفسي والاستقرار والحرمان ».
بعثة دراسية
و روى «أيمن . خ» يمني الجنسية معاناته بالقول» أنا يمني من أم سعودية وطالب في جامعة الملك عبدالعزيز تخصص تمويل واستثمار، وتتمحور معاناتي في أني عندما أرغب أن أتوظف بالوظائف الصيفية لا أستطيع، كوني لست سعودياً ،وسبق لي أن توظفت في شركة في الصيف الماضي موظفاً للمبيعات، وحينما تأتي البلدية أو مكتب العمل كنت أخبرهم أنني سعودي حتى لا تحدث لي مشكلة كوني طالب وغير مصرح له بالعمل ».
ويضيف: «أتمنى أن أكمل دراستي وأحصل على بعثه دراسية وكل شروط البعثة تنطبق علي من ناحية المعدل والتخصص، ولكن الشرط الوحيد الذي لا ينطبق عليّ هو أن أكون سعودياً ، وبصراحة بدأت أخشى على مستقبلي بعد التخرج الوشيك من الجامعة، فأنا لا استطيع العمل دون الخوف من صاحب المنشأة الذي سأكون تحت كفالته ، ولا أستطيع الذهاب إلى بعثة دراسية، فأنا لا أرضى أن تتم معاملتي كأجنبي، وأنا ولدت في هذا البلد ولا أعرف غيرها ووالدتي سعودية ، لذلك أتمنى أن أحصل على الجنسية ومن ثم الالتحاق ببرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي».
راتب التقاعد
وتحكي «منى» لتقول عن قصتها:»أنا سعودية متزوجة من غير سعودي ،أعمل في الصحة من مدة طويلة ويؤخذ من راتبي مبلغ ليس بالقليل كل شهر،على أن يستثمر و يرد لي كراتب تقاعد، ولكن لو توفاني الله فإن بناتي لن يحصلن على الراتب بحجة أنهن أجنبيات ، وهذا ظلم كبير لي ولبناتي «.
وتستطرد «منى « بالقول: «كما أنني أرغب في شراء منزل في المدينة المنورة، وأيضا بعد وفاتي لن تمتلكه بناتي ، وسيباع بالمزاد العلني ويعطى ثمنه لهم ، فلماذا أعاقب أنا وبناتي لزواجي من أجنبي ؟».
وذهبت « منى « لتروي معاناة ابنتها قائلة»ابنتي الكبرى ستنهي الثانوية العامة، ولن تقبل في الجامعة في كل التخصصات بالرغم من نسبتها 100 % في كل السنوات، وإن قبلت في إحدى الجامعات فلن يحق لها الدوام إلا في الفصل الثاني، فلماذا يصادرون ستة أشهر من حياتها ؟ هل هذا عقاب لها لأن أمها تزوجت بأجنبي، كما أنني لم أستطع أن أسجل بناتي في المدارس الحكومية لأكثر من سبب، أحد هذه الأسباب التفرقة العنصرية في المدارس بين السعودية وغيرها فضلاً عن صعوبة التسجيل، أيضاً لم ترشح بناتي لدورات الموهوبات مع العلم أنهن من الأوليات دائما بحجة أنهن أجنبيات، هذا ونحن لم نصل لمرحلة الوظيفة بعد».
معاناة نفسية
ويضيف «م. الكازمي» والبالغ من العمرنحو ثلاثين عاماً بالقول « نحن أبناء السعوديات المتزوجات من أجانب نعاني مشكلات وهموما كثيرة وثقيلة، تصيبنا أحيانا بل دائما بالمعاناة النفسية، بالرغم من أننا أبناء هذا البلد ولدنا به وعشنا على أرضه، لكن بشرط أن يكون لدينا كفيل يكفلنا وندفع رسوم الإقامة، ويطلق علينا كلمة أجنبي يوميا في الشارع وفي العمل حتى من عسكري في نقطة التفتيش، فكيف أكون كذلك وأنا من ولد في هذا البلد وتربى بها بل مكثت في بطن أمي تسعة أشهر، وهي من بنات هذا الوطن، وفتحت عيني على الدنيا وأول من أراها هي أمي (السعودية) لكن بعد ذلك تستخرج لي شهادة ميلاد أجنبي».
ويضيف:«أنا وأخوتي خريجو جامعات منا من هو طبيب ومهندس ومحاسب، ولدينا مشكلة أخرى تتمثل بأن والدتي «السعودية» لا تستطيع أن تمنحنا وكالة شرعية لأي أحد من أبنائها بحكم أننا أجانب، وبالتالي تذهب لكي توكل شخصا غريبا ».
خلوة شرعية
وعن الإثباتات التي يحملها قال «أحمل معي ثلاثة إثباتات لهويتي وهي الإقامة وشهادة الميلاد لإثبات أن أمي سعودية وبطاقة أمي، ولعل أغرب القصص التي حدثت لي أنه عند نقطة تفتيش طلب العسكري الإثباتات وقمت بمنحه إقامتي وبطاقة أمي،واندهش واستغرب كيف أجنبي ومعه مواطنة سعودية، وأخبرته أنها أمي ولكنه لم يصدق ورد عليّ باستهجان وقام بإيقافي ومن ثم قام بإبلاغ الهيئة بأن هناك خلوة غير شرعية في سيارة بين أجنبي وسعودية ،وحينما حضر موظف الهيئة كان متفهماً للموضوع ».
قرار دستوري
وقال «مروان.ج» «جاء آخر قرار دستوري في مصلحتنا،نحن أبناء المواطنات السعوديات إلا وهو التقدم بطلب الجنسية عند سن الثامنة عشرعاما والحصول على الجنسية وكان ذلك في عام 1378هـ، والآن بعد مرور قرابة الـ 55 عاماً على هذا القرار،ظهر لنا نظام النقاط في عام 1426 هـ أي بعد 48 عاما ،توقعنا أن تكون هناك حقوق أكبر وأفضل لأبناء المواطنة ،وأن يعلو كعبهم على أي متقدم للجنسية السعودية، وعند الاطلاع على قانون النقاط كان ينص على أنه يحق للشخص التقدم في حال كان عدد نقاطه يتجاوز الـ 23 نقطة، وأعطى لمن أمه سعودية ووالدها سعودي ثلاث نقاط فقط، ومن ثم أوقفت معاملات التجنس حتى صدور التعديلات الجديدة ومرت سنوات و التعديلات لم تر النور».
قوانين الجوازات
ويضيف مروان: شددت قوانين الجوازات على الأجانب وأبناء المواطنات مثل منع أن يكتب في الإقامة طالب وأن يبحث ابن المواطنة عن كفيل في حال تجاوز الـ25 عاما ويمهل سنة ويوقع على تعهد بذلك، أيضاً منع بنات المواطنات من العمل وإصدار بطاقة شكلية، أيضاً تجني مكتب العمل على الشركات التي ضمت كشوفها أبناء مواطنات وعدم ضمهم لنسبة السعودة الخاصة بالمنشأة ،والتضييق على الشركات التي توظفهم حتى أصبحت جميع الشركات ترفضهم، ونحن أبناء المواطنات نعامل معاملة المقيم».
بطاقة بلا فائدة
وتحكي «حنان.م» معاناتها قائلة «أنا مواطنة سعودية تزوجت من مهندس غير سعودى منذ مايقارب الثلاثين عاماً ، ولدي ستة أبناء منهم طبيبتين والكبيرة علوم حاسب، وجميعهن تخرجن من جامعة الملك عبد العزيز، وعند التقديم على الجنسية وبعد كافة الإجراءات المرهقة حصلن على بطاقة ليس لها أى فائدة، فغير مسموح لهمن بالعمل الحكومي وعند التقدم لبرنامج الزمالة يرفض الطلب، لأن هذه البرامج للسعوديين فقط، فضلاً عن كون البعثات ليس لهن حق بها».
وتضيف:» عندما تزوجت كانت القوانين تسمح بتجنيس أبناء المواطنة (بنات وأولاد) عند بلوغ 18 عاماً، ووافق والدي «رحمه الله» على هذا الأساس وتزوجت بموافقة ولاة الأمر،فلا يحق لأحد بعد هذه السنوات أن يحرم أبنائى من التجنيس ، وسلب حقهم في المواطنة».
امتناع عن الزواج
وتؤكد «فضول .ف» أنها من أب عربي وأم سعودية عاشوا معاً مايقارب الـ 45 عاماً وتقول «توفت أمي منذ شهرين وها نحن نعانى من البحث عن كفيل، وأصبح حالنا مثل أي أجنبي دخل للبلاد حديثاً».
وأضافت» أخواتي لم يتزوجن بهدف الجنسية، لأنهن لو تزوجن أجنبيا لفقدن كل شيء وأصبحن هن وأولادهن أجانب، وللأسف منا من هي طبيبة ومهندسة، ومازالت معاناة البحث عن الاستقرار في بلدنا الذي ولدنا به وتربينا على أرضه وخرجنا للدنيا من بطن أم «سعودية».
حل جذري
وتقول المحاضرة في كلية الطب البشري بجامعة الملك سعود «عاليه.ش» «أنا متزوجة من محاسب أردني بعد الموافقة من حكومتنا الرشيدة ،ولدي ثلاثة أطفال، وأناشد المسؤولين وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله، بإيجاد حل لأبنائنا الأجانب الذين لا يعرفون وطنا لهم غير المملكة ،و أنا وكثير ممن أعرفهم لديهم أبناء غير سعوديين نطالب بإيجاد حل جذري لمشكلة الأبناء و مساواتنا بزوجات السعوديين، فنحن نعاني مع أطفالنا التفرقة في العلاج، التدريس والوظائف والسفر، إضافة إلى أنني قدمت على بعثة لدراسة الدكتوراه في الخارج، فوجئت بأن الدولة لا تتكفل بأي مصاريف على فلذات أكبادي،وهذا يعيق من معيشة المواطنة وتطورها عدا أيضا المصاريف في الرسوم وغيرها».
صدور اللائحة
وأوضح رئيس جمعية حقوق الإنسان الدكتور مفلح القحطاني أنه يأمل في صدور لائحة زواج السعودية من الأجنبي قريباً وقال» نعلق آمالا كبيرة على صدور اللائحة التي درست مؤخراً في مجلس الشورى، والتي تنظم حقوقهم، بالإضافة إلى أوضاع آبائهم بما يحفظ حقوق الجميع، و كان هناك متابعة للجمعية منذ فترة لأوضاعهم، وهناك حقيقة معاناة لدى البعض منهم سواء كانوا ذكورا أو إناث ، والأمل إن شاء الله في أن تجد اللائحة حلولا فيما يتعلق بسفرهم أو العمل أو الدراسة أو الإقامة وما يتعلق بحصولهم على الجنسية السعودية مستقبلاً عند بلوغهم سن الـ 18 عاما».
وأضاف «لجأت إلينا العديد من الأسر،وكان هناك اجتماعات بيننا وبين الأمهات في لجنة الأسرة، وتم وضع بعض المقترحات وتم التواصل بشأنهم مع بعض الجهات الأخرى ومع مجلس الشورى، والآن مجلس الشورى انتهى من اللائحة ورفعت إلى مجلس الوزراء ونأمل في حال صدورها أن تعدل أوضاعهم ».
تفرقة وامتيازات
وعلق أستاذ الخدمة الاجتماعية بجامعة الملك سعود الدكتور عبدالعزيز الدخيل بالقول»يجب أن يحق للبنت حينما تتزوج ما يحق للشاب، وهذه القضية تحتاج إلى جانب تنظيمي وآخر قانوني خاصة فيما يخص الامتيازات، فالنظام كفل بعض الامتيازات للسعودي وهي حق من حقوقه ، لكن هناك حقوقا عامة وهي حقوق الإنسان، التي لاتفرق بين سعودي أو غير سعودي، وأعتقد أنه من حق أبناء السعوديات أن يدخلوا المدارس والجامعات وبعد تخرجهم يجدون عملا.»
وأضاف «أعتقد هناك تأثير نفسي كبير على أبناء السعودية المتزوجة من أجنبي، كونهم يشعرون بالتفرقة، فمثلاً لو كانت خالتهم متزوجة من سعودي ولها أبناء، سيلحظون أن أبناء خالتهم لهم امتيازات أخرى وبينهم فرق كونهم سعوديين، فهذه النقطة بلا شك لها أبعاد اجتماعية ونفسية».
قلق وتوتر
وأكدت اختصاصية الطب النفسي الدكتورة فداء عبدالله الخالدي بالقول «المرأة السعودية المتزوجة من أجنبي تكون دائماً في حالة قلق وتوتر، نظراً للظروف التي تعيش وسطها، وبالتالي تكون أسيرة لعدم الاستقرار النفسي والاجتماعي، وهذا ما يجعلها تخشى من المستقبل ولا تشعر بالأمان بالرغم من أنها تعيش على تراب وطنها، وتخشى على مصير أبنائها ومصير زوجها وحقوق أبنائها الضائعة، فضلاً عن أن ذلك يولد لديها شعورا بالنقص كون الرجل السعودي المتزوج من أجنبية يحصل أبناءه وزوجته على الجنسية، وهذا يعد تفرقة واضحة بين الرجل والمرأة» .
وأضافت «من الممكن أن يترتب على القضية آثار نفسية أعمق من ذلك، فهناك حالات كثيرة تعاني من عدم استقرار العائلة، والخوف من المستقبل يدفعها للتفكير بالانفصال عن زوجها أو تحديد النسل ، ومن الممكن نتيجة لهذه الضغوطات والتفرقة أن يكون هناك انحراف سلوكي لدي الأم والأبناء ، ومن الممكن أن يولد بداخلهم دافع الانتقام ، ومن الممكن أن يكون لدى الأم حقد على المجتمع والأسرة ».