ثمة أشياء تحدث أمامنا لكنها تبدو عصية على الفهم، ربما لأنك نظريا ترى أن المنطق يقول شيئا، فيما عمليا منطق الواقع يقول لك شيئا آخر.
فقبل أكثر من شهر خرج نظام «تنظيم زواج السعوديين بغيرهم»، وقبل 23 يوما كتبت مقالا بعنوان «تنظيم زواج السعوديين بغيرهم لم يعدل»، وكنت أتحدث فيه عن الإجحاف في حق أبناء الزوجة السعودية، فأبناء الزوج السعودي يحصلون تلقائيا على الجنسية فيما أبناء الزوجة السعودية لا يحصلون على هذا، ومجرد الطلاق أو موت الأم، على الأبناء والزوج البحث عن كفيل لهم وإلا سيتم ترحيلهم.
بعد صدور النظام بشهر، وبعد مقالي بـ 20 يوما، اجتمع مجلس الشورى في جلسته الاعتيادية الخامسة والأربعين «25 رجب 1432هـ الموافق 27 يونيو 2011م» برئاسة نائب رئيس المجلس الدكتور بندر حجار، وتمخض الاجتماع عن «وافق مجلس الشورى على مشروع تنظيم زواج السعوديين بغيرهم الذي سبق للمجلس مناقشته في جلسة ماضية، وأبان معاليه أن المشروع يقع في 13 مادة تلم بمختلف الجوانب الشرعية والاجتماعية والإنسانية والاقتصادية والأمنية مراعاة لطرفي الزواج وأبنائهم» (أنقل هنا حرفيا من موقع مجلس الشورى وليس من الصحف).
أليست هذه الأشياء عصية على الفهم وتثير الدهشة؟
أعني كيف يخرج النظام، وبعد خروجه يوافق مجلس الشورى عليه؟
ألا يقول لنا المنطق نظريا: مجلس الشورى مشرع وبالتالي هو من يخرج النظام وعلى السلطة التنفيذية أن تطبق التنظيم الذي خرج من قبة المجلس التشريعي، فيما الواقع خلاف ذالك.
المدهش أيضا أن المجلس وافق على المادة التاسعة التي تؤكد أن المرأة السعودية أقل مرتبة من الرجل السعودي، لهذا أبناؤها غير معترف بهم، ربما لأنه غير معترف بها ككائن مستقل.