تظل مشكلة المرأة السعودية، التي تزوجت من غير السعودي، وأنجبت منه، سواء فيما يخص حصول الأبناء على الجنسية، وأحيانًا تجديد إقامتهم، مشكلة قائمة منذ زمن!!
لهذا أجد أن نظام تجنيس أزواج السعوديات، الذي يدرسه مجلس الشورى الآن -كما نشر منذ أيام في الصحف- وفق شروط وضوابط؛ كي لا يكون وسيلة للحصول على الجنسية فقط، دون قيام هؤلاء الأزواج (غير السعوديين) بواجباتهم الاجتماعية، والتربوية للزوجات، والأبناء. هذا التنظيم إن صدر مهم جدًّا إذا كان الهدف منه إنصاف النساء السعوديات اللاتي تزوجن من غير السعوديين، وأنجبن منهم، ويعانون من العديد من المشكلات والعوائق التي تزداد كلّما كبر هؤلاء الأبناء، وفي قمتها حصول الأبناء على جنسية الأم أسوة بما هو منصوص عليه للرجل السعودي، عندما يتزوج بغير سعودية. فلا عوائق أمامه إلاّ الحصول على الموافقة!! وبعد سنوات تحصل الزوجة غير السعودية على الجنسية، وتحتفظ بها حتى لو حصل الطلاق بين ألزوجين لاحقًا.
ووفق ما ذكره عضو مجلس الشورى د. صدقة فاضل: (إن أعداد السيدات السعوديات المتزوجات من غير سعوديين يصل لـ700 ألف سيدة، يمثلن 10% من عدد السعوديات، مشيرًا إلى أن مجلس الشورى يدرس حاليًّا نظام تجنيس أزواج السعوديات الأجانب، وفق ضوابط.. منها إنجاب الأطفال، واستمرار الزواج لعدة سنوات، بالإضافة لإثبات الزوج حسن نواياه، وحسن معاملة الزوجة). وأضاف: (إن زواج السعودية من غير السعودي يجب أن يتم بحذر شديد؛ حتى نحافظ على بناتنا وأبنائنا في المستقبل، وأن لا يكون هذا الزواج وسيلة للحصول على الجنسية السعودية، لاسيما أن هناك قرارات وأنظمة جديدة ستصدر خلال خمس سنوات تسمح للأجنبي المتزوج من سعودية بالحصول على الجنسية، ولكن ضمن ضوابط متعلّقة بوجود الأولاد، والإحسان إلى الزوجة، واستمرار الزواج لسنوات).
إلى أن تصدر هذه الأنظمة، ما الحلول المقنعة للمتزوجات الآن، ولديهم مشكلات تتعلّق بتجنيس أبنائهم؟ ولا أقول تجنيس الأزواج؟ وهناك حالات غير معقولة اضطرت الأمهات السعوديات إلى الاستقالة من وظائفهن هنا، رغم أنها وظائف ومهن إنسانية مهمة (كالطبيبات) استقلن من وظائفهن، وغادرن مع أبنائهن إلى موطن الأزواج الأصلي، رغم صعوبة المعيشة هناك. وجمعن بين غربة الوطن هناك، وصعوبة التكيف أيضًا!! بينما الرجل السعودي الذي تزوج من غير السعودية يعيش في هناء واطمئنان، ولا تهديد يصل إليه حول تاريخ التجديد، أو تاريخ المغادرة. حاليًّا هناك مواطنة سعودية تصرف علي أبنائها من زوجها غير السعودي الذي يقيم في موطنه مع الأبناء، وعاجز طبيًّا عن العمل وهي تقيم هنا مع والدتها كي تعمل لتعيل هؤلاء الأبناء، ولديها راتب تقاعدي مقداره ألف وسبعمائة ريال!! وقيل لها تقدمي إلى مسؤولي الضمان الاجتماعي ليتم مساعدتك، وبالفعل تقدمت بالطلب لذلك، ولكن موظف الضمان الاجتماعي أخبرها أن شروط الحصول على مساعدة الضمان الاجتماعي لا تنطبق عليها فمن الشروط أن يكون (الراتب التقاعدي هو ألف ومائتا ريال)!!
ولنتخيل ماذا تقدم الألف وسبعمائة ريال الآن في ظل هذا الارتفاع الحاد في أسعار المواد والإيجارات وخلافه؟؟ ثم هل شروط الضمان لا تتغير وفق ارتفاع الأسعار الذي يحرق كل أخضر، بل وأيضًا اليابس إن وجد!! خصوصًا إنه لا تتوفر لدينا مراكز لتوزيع المواد الاستهلاكية ببيعها بسعر مخفض تقوم الحكومة بدعمه فيكون السعر مناسبًا للجميع. وأيضًا لأن مؤشر ارتفاع الأسعار لا ضابط له ولا محاسبة لمن يرفع الأسعار فهو في مأمن من المحاسبة!!
ومن المآسي التي عبرت عنها العديد من السعوديات المتزوجات من غير السعوديين أن العديد من المستشفيات ترفض علاج الزوج! كما لا يسمح له بالتعريف عن زوجته في جميع الدوائر الحكومية والشركات الخاصة، وبالتالي تتعطل معاملاتهن! وأوضحن أن النظام لا يسمح بنقل كفالة أزواجهن وأبنائهن عليهن إلاّ (بمهنة سائق)!! كما لا يتم السماح لهن بالتقديم للقروض السكنية من صندوق التنمية العقاري، أو بنك التسليف. وأشرن إلى أنهن استبشرن خيرًا مع القرارات الأخيرة فيما يتعلق بالقروض السكنية للمواطنين والمواطنات، ولكن قوبل طلبهن بالرفض في صندوق التنمية العقاري بسبب زواجهن من غير سعوديين!!
يكرر البعض من أعضاء مجلس الشورى على أن دراسة المجلس للتنظيم الجديد للتجنيس سيكون فيه نوع من المرونة والتسهيل لحل هذا الأمر.
ونأمل أن يكون هذا التنظيم شاملاً غير مجزأ، يحمي المرأة السعودية، وأبناءها، وزوجها غير السعودي. خصوصًا إذا كانت إقامتهم في المملكة منذ سنوات طويلة، وأبناؤها وُلدوا هنا وعاشوا هنا مدة طويلة. فكيف يُحرمون من الحصول على جنسية والدتهم؟
نعم هناك محاذير لابد من مراعاتها من الناحية الأمنية، ربما تكون في حالات معينة، ولكن لا ينبغي أن تكون هي الأصل، وماعدا ذلك استثناءات!!