وماذا بعد ؟ من المفارقات الصعبة التقبل أن المواطن السعودي، حين يتزوج امرأة غير مواطنة، لا يجد صعوبة في حصول زوجته على الجنسية وحقوقها الكاملة بعد ذلك كمواطنة كاملة الأهلية. أما شقيقته المواطنة فحين تتزوج بمواطن غير سعودي، قريب لها من وراء الحدود أو من ترى أسرتها أنه من يرضون دينه وخلقه، لا تجد نفس التسهيلات له أو لأبنائها وبناتها منه، وكأن كونها أنثى لا يؤهلها لكل حقوقها كمواطنة. فيظل أبناؤها حتى بعد قضاء عقود من عمرهم يعاملون كأجانب. وقد تصل معاناتهم ومعاناتها معهم إلى مواجهة قرار ترحيلهم.
الدكتورة سهيلة زين العابدين حماد، عضو المجلس التنفيذي للجمعية السعودية لحقوق الإنسان، وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، من المهتمات بهذه المعاناة الخاصة بالمواطنات السعوديات المتزوجات من غير سعوديين. وتوضح أن كل المناطق في المملكة العربية السعودية تعاني هذه الإشكالية وتداعياتها التي قد تصل إلى ترحيل أبناء المواطنة لافتقادهم للجنسية. ولكنها مشكلة تبرز أكثر في المناطق الحدودية الجنوبية، وبعض المواقع الحدودية شمالي المملكة حيث يكثر الزواج من غير سعوديين بحكم وجود صلات نسب وقرابة بين بعض العائلات على جانبي الحدود، وكذلك في المنطقة الشرقية حيث تتزوج السعوديات من أبناء دول مجلس التعاون الخليجي، وفي المنطقة الغربية كذلك تتزوج السعوديات من أجانب ولدوا وعاشوا على أرض هذه البلاد، لكنهم لا يحملون الجنسية السعودية.
و قد تعاني السعودية المتزوجة من جنسيات بعينها بصورة أكبر حيث لا تقبل أوراق أبنائها لطلب الجنسية بالأحوال المدنية, مما يزيد معاناتها عن قريناتها لاسيما إن كانت أرملة أو مطلقة وأولادها يعيشون معها بسبب وفاة زوجها أو عدم وجود أقارب له أو هجره لهم واختفائه. ثم هناك مشكلة رفض توكيلها للزوج أو الابن حيث لا يتم قبوله- لأنه غير سعودي- في جميع الدوائر الحكومية, بالإضافة لافتقاد الابن لحرية العمل والتجارة والتملك. يوضح عبد الله العمودي مفصلا هذه المعاناة: «إن الكثير من معاملات أبناء وبنات السعوديات من أزواج غير سعوديين متوقفة منذ سنوات.. فأنا معاملتي لها 6 سنوات تقريبا.. وبسبب هذا التوقف تضررت كثيرا.
1- إخواني وأخواتي جميعهم سعوديون وأصبحت كالغريب بينهم.
2- فرصة الابتعاث للخارج حرمت منها.
3- كثير من الفرص الوظيفية خسرتها والسبب عدم حملي للجنسية السعودية على الرغم من أن النظام ينص على معاملة أبناء السعوديات كسعوديين في التوظيف لكن للأسف النظام غير مفعل وكذلك في كثير من الأمور.
4- رسوم تجديد الإقامه سنويا.. مما يضاعف الشعور بالمهانة والغربة والغبن.
و أنا أقرأ ما كتبه عبد الله وصلني ملح الدموع في كلماته تعاتبنا جميعا.. مسؤولين وإعلاميين.
الحل وبكل بساطة تفعيل نظام التجنيس لأبناء السعوديات بأسرع وقت وتسهيل إجراءاته.. واختصار معاملته بدلا من التوقف سنوات طويلة.. وإن كان هناك نظام جديد نتمنى استمرار النظام القديم حتى صدور النظام الجديد على الأقل.. لأن حياتهم – كما يقول عبد الله العمودي- متوقفة.. وأعمارهم تمضي.
وأرى مثل الدكتورة سهيلة، عقلانية منح حقوق المواطنة، وحماية حقوق الزوجة السعودية، وتوفير الأمان والاستقرار لأسرتها، ومنح زوجها وأبنائها الجنسية السعودية وآمل معها أن يكون للمرأة السعودية حق إعطاء الجنسية لأبنائها أسوة بالرجل السعودي.
هذه قضية ليس لها علاقة أو تعارض مع الدين أو الأعراف الاجتماعية.
وبعد قرار دولة الإمارات مؤخرا أن يمنح أبناء وبنات المواطنة الإماراتية كل حقوق أبناء المواطن، ربما يجدر بنا مراجعة علاقاتنا بأحفادنا وحفيداتنا من بناتنا لنمنحهم مظلة التقبل وحقوق المواطنة ومسؤولياتها.
أضم صوتي لكل من يتعاطف مع معاناتهم, مناشدة المسؤولين وعلى رأسهم والد الجميع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وولي عهده الأمين الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية، إعادة النظر في وضع السعوديات المتزوجات من أزواج غير سعوديين, والتوجيه بتعديل أوضاع أبنائهم ليشملهم خير هذه البلاد بحق المواطنة ومنحهم حق الانتماء والجنسية تلقائيا بناء على كون والداتهم مواطنات سعوديات.