في الفترة الأخيرة طفت على السطح الإعلامي وفي شبكات التواصل الاجتماعي قضية «حقوق أبناء السعوديات»، ويعنى بذلك من أبوهم غير سعودي، ولهم معاناة خاصة، وقد تابعت حواراتهم في مجموعة أسسوها بالفيسبوك تضم أكثر من 2500 – 5400 عضو من الجنسين، فوجدت تناولاتهم تفيض إحساسا بالظلم والغبن. أغلبهم يعيشون مع أسرهم على أرض الوطن ولكنهم بعد الدراسة الثانوية يجدون أنفسهم محرومين من مواصلة الدراسة أو العمل وليس لهم هوية تؤهلهم للبقاء وبقاؤهم مرهون بكفيل. وتضطر الأم لكفالتهم كمستقدمين في دور سائق أو خادمة أو مربية. شيء محزن!
إن كان هناك ما يؤكد أن دماء الشخص تعود للأسرة وتنتمي للوطن فهي العلاقة جسدياً بأمه المواطنة. هذا غير كون حقوق الأم ذاتها منتقصة؛ حيث في معظم العالم المتحضر تشمل حقوق مواطنة الأم والأب حق المواطنة لأبنائهم دون تمييز. بل إن بعض الدول تمنح حق المواطنة لمن يولد على أرضها بصورة أوتوماتيكية مقننة. وغريب فعلا أن نجد من يعارض أو يعرقل رفع هذه المعاناة عمّا يقارب 750000 سعودية متزوجة من حامل جنسية أخرى، وكأنها ارتكبت جريمة شرف أو ما يحرمه الدين، وبوده أن يعاقبها. بينما تتعالى التصريحات بأن لدينا كذا مليون عانس – مع تسجيل عدم تقبلي لهذا المصطلح الظالم -، والأغرب أن يرون الحل محصوراً في فتح باب التعدد! وتلك ممارسة مجتمعية لها تداعياتها السلبية الأخرى! هؤلاء المواطنات وأبناؤهن وبناتهن وضعهم الأسري غير مستقر بأقل تقدير.
وتبلغ أعداد هذه الأسر بالملايين في مختلف مناطق المملكة. شرح لي تفاصيل معاناتهم واحد منهم هو عبدالله العمودي موضحا: هناك العديد من المشاكل والمصاعب التي تواجه المواطنة السعودية المتزوجة من غير سعودي تنتقص من حقوقها وحقوق أبنائها وقد ورد لجمعية حقوق الإنسان عشرات القضايا المتعلقة بهذا الموضوع يمكن تقسيمها على النحو التالي:
أولا: الإقامة يلاحظ أن زوج وأبناء السعودية يخضعون لنظام الكفيل كأي وافد على أرض المملكة ولا تختلف معاملتهم عن غيرهم من المقيمين فلا بد لهم من كفيل ولا بد لهم من دفع الرسوم والحصول على تأشيرة خروج وعودة عند الرغبة في السفر إلى الخارج. وبالتالي: إما أن يكونوا تحت رحمة الكفيل، الذي قد يرفض نقل كفالتهم أو يبلغ عنهم هروب إن لم يسددوا ما يطلبه من مقابل مادي لذلك؛ وهنا تبدأ المواطنة بالتقدم بطلب الاسترحام لإلغاء تبليغ الهروب عن أبنائها أو زوجها. أو أن تنقل كفالتهم عليها وقد يكون ذلك على مهنة (سائق أو خادمة أو مربية) مهما كان تحصيلهم العلمي وبالتالي لا يستطيعون الحصول على وظيفة تتناسب مع شهادتهم العلمية, ويشعرون بالإهانة في البلد الذي ولدوا ونشأوا فيه وتحمل والدتهم جنسيته، وقد تحرم من استقدام سائق أو خادمة بسبب وجود أبنائها على كفالتها على هذه المهنة. وإن تمكنت من نقل كفالتهم كمرافقين عليها يصبح غير مصرح لهم بالعمل وهم كغيرهم بحاجة لدخل مادي لتوفير متطلبات الحياة الأساسية. وأفضل الحالات إن لم تكن موظفة فإنها تقوم بتأسيس سجل تجاري لنقل أبنائها عليه (ولا يشار في إقامتهم أنهم أبناؤها), وقد يطلب منها ذلك وتكون موظفة مما يتعذر عليها استخراج سجل تجاري وبالتالي لا تستطيع نقل كفالة زوجها أو أبنائها عليها.
أما زوج المواطنة فلا يوجد في إقامته ما يشير إلى أنه زوج مواطنة, ولا يوجد في سجلها المدني أنها زوجة أجنبي؛ وبالتالي لا يوجد ما يثبت زواجهما إلا عقد الزواج الذي يمكن افتراض وجوده مع أي منهما بشكل دائم. وقد يترتب على ذلك إبعاد الزوج من المملكة بموجب حكم قضائي أو قرار إداري. بينما لو علم أنه زوج مواطنة لما أبعد ونفس الشيء يقال عن ابن المواطنة بالنسبة للإبعاد من البلاد.
يقع على عاتق زوج وأبناء المواطنة رسوم الخروج والعودة، وكذلك تجديد الإقامة إلا من استطاعت الحصول بشكل استثنائي لزوجها وأبنائها على جواز سفر سعودي دون الحصول على الجنسية، وهي حالة نادرة، والسؤال لماذا لا يشمل هذا الإجراء الفئة عموما والذي يخفف المعاناة المذكورة أعلاه ريثما يتم تعديل نظام الإقامة والجنسية المتعلق بهم. وسنعود لمزيد من التفصيلات في حوارنا الحضاري بعد غد فنتناول معاناتهم في جوانب أخرى كالجنسية وفرص الخدمات التعليمية والرعاية الصحية ومعاشات التقاعد.
وسيسعدني جدا أن يتفاعل المسؤولون بالتوضيح فيما لو كانت هذه التفاصيل غير سارية ولو بصورة غير رسمية أو أنها تأتي بناء على اجتهاد فردي أو موقف متحيز من موظف رافض.