صحف – هبة اليوسف
قبل أكثر من 22 عاما حينما قررت (خ ع) وهي امرأة سعودية الزواج من رجل غير سعودي لم تكن تعلم حجم المعاناة التي ستلقاها بعد أن تنجب عددا من الأبناء، فهذا هو ابنها البالغ من العمر (22) عاما يبحث له عن كفيل، لأن المديرية العامة للجوازات طلبت نقل كفالته لأي مؤسسة خاصة، فقد كان سابقا على كفالتها أو كفيل والده، وإلا سيتعرض للترحيل باعتباره مخالفا لأنظمة الإقامة، فعلى الرغم من أن الشاب والدته سعودية وعاش طوال حياته في وطنها الذي يعتبره وطنه ولا يعرف غيره، فإلى أين سيذهب لو تم إلغاء عقد والده لأي سبب من الأسباب، وتتساءل بألم: ما مصير أسرتي لو تم إلغاء كفالتهم؟!
(خ.ع) ليست وحدها من تعاني بل هناك الكثيرات اللاتي يعانين ويعاني أبنائهن كثيرا، «صحف» الإلكترونية التقت بهن ونقلت معاناتهن التي لم تنتهِ منذ سنوات طويلة، على الرغم من زواجهن وفق الشريعة الإسلامية ومن رجال مسلمين وبموافقة أولياء أمورهن، وحكومتهن الرشيدة، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه».
ويسألن عبر «صحف» عن سبب تجاهل المجتمع لوجودهن كمواطنات سعوديات وأمهات لأطفال مسلمين، فأي ذنب اقترفنه لتستمر معاناتهن دون علاج؟! فهن يواجهن العديد من المشاكل التي قد تؤدي إلى تدمير حياتهن عبر سلسلة من المعاناة، منها على سبيل المثال لا الحصر تشتيت الأبناء مابين أم سعودية لا تجد لفلذات كبدها حقا في بلادها، وبين أب أجنبي ليس له أي حق في بلد زوجته، التي عاش معها أكثر من (20) عاما، ومع ذلك لا يستطيع أن يمد لها يد العون، مما قد يضطره إلى الهروب من هذه المشاكل والعودة لبلده، لتبقى الأم غارقة في المشاكل، قائمة بدور الأم والأب معا في التربية والعناية والاهتمام، والسعي للعمل لتؤمن لأبنائها لقمة العيش، ومع هذا تظل خائفة عليهم فلا هوية لهم ولا مكان في وطنها لهم ولا في وطن والدهم، ويظل القلق يسيطر على حياتها.
فمن لهم بعد موتها؟ فهم لا يستطيعون العمل ولا امتلاك منزلهم الذي تركته لهم والدتهم بعد وفاتها ليعيشوا فيه بأمان، ولا أن يستفيدوا من تقاعدها الذي كان يحسم من راتبها فماذا بانتظارهم؟!
ممنوعة من مستشفيات بلدي!
قالت (س م): أنا سعودية ولا يسمح لي بالولادة في المستشفيات الحكومية فقط، لأنني سأنجب مولوداً (غير سعودي)، متناسين بذلك أن الأم هي «بنت البلد» وتضطر للولادة في مستشفيات خاصة باهظة التكاليف، وفي المقابل يستقبلون الأجنبية المتزوجة من سعودي بكل سعة صدر في المستشفيات الحكومية لأنها ستنجب طفلا سعوديا!!
نقبل الأيادي لقبول أبنائنا في المدارس>
أما (م.ع) فقد قالت: العديد من العقبات تواجهنا وتجعلنا نعيش في دوامة لا تنتهي، فلا أمان ولا مستقبل، وأبناؤنا مرفوضون في المجتمع منذ دخولهم المدارس، فعليهم الانتظار لحين تسجيل السعوديين، وقد تكتفي المدرسة بما لديها من أجانب، فنضطر لتسجيلهم في المدارس الأهلية وهذا يحملنا أعباء مادية فوق طاقتنا، أو نضطر للذهاب لإدارة التعليم ونقبل الأيادي لكي نحظى بواسطة لإدخال أبنائنا.
قرار منح الأبناء الجنسية غير مطبق:
وتؤكد السيدة (ع.ف) وهي متزوجة من ابن خالتها (سوري الجنسية) أنه وفقاً لنظام المادة الثامنة من منح الجنسيات والتي تنص بمنح الجنسية السعودية لأبناء المواطنة عند بلوغهم السن النظامي (18) سنة، أن هذا النظام لم يطبق أبدا فمعاملة أبنائنا تتوقف بالسنوات في الأحوال.
وتضيف قائلة: «وصل عمر ابني لـ(24) عاما ولم يحصل على الجنسية، فمعاملته متوقفة في الأحوال وهو خريج إدارة التسويق من كلية التقنية، ولا يستطيع العمل بدون الجنسية.
وتتابع: «زوجي جعلوه يوقع على تعهد بعدم تقديمه على الجنسية مرة أخرى في الأحوال المدنية، وقبل أن يعطوا ابنها الأكبر الجنسية».
تخفيض رسوم العمالة لا يشمل أبناءنا:
وظهر قرار تخفيض رسوم الإقامة للعمالة المنزلية من 600 إلى 300 ريال بنسبة50%، ولكن لم تخفض كفالة أبنائنا مع أن منهم المهندس والمعلم والطبيب.
وتقول السيدة (س خ):(لدي سبعة أبناء وأدفع لكل واحد (600) ريال أي قرابة 4200) ريال وهو مبلغ كبير جدا علي، فدخلي قليل وتخفيض الإقامة جاء للعمالة أما أبناء السعودية المتزوجة من أجنبي فلم يشملهم التخفيض.
العلاج في المستشفيات الحكومية:
ظهر تعميم من وزارة الصحة بالرقم 87933-62-9 بتاريخ 4-11-1427هـ يشمل أبناء المواطنة السعودية ضمن الفئات التي لها أهلية العلاج في المستشفيات الحكومية ووزع على كافة المستشفيات، ولكن لا أحد في المستشفيات يطبق هذا القرار فهم يذكرون أنهم لم يصلهم أي تعميم! وهذا ما حدث مع الكثيرات منهن وأقربهن قبل ثلاثة أسابيع حيث ذكرت السيدة (ع.ر) المتزوجة من مصري سابقا ولها منه ابن، ابني البالغ (12) سنة مرض فذهبت به لمركز صحي قريب مني فطلب مني الطبيب التوجه مباشرة لمدينة الملك فهد الطبية، حيث كان الطبيب يشكك بإصابته بفيروس انفلونزا الخنازير (H1N1)، ولكن الطبيب في مدينة الملك فهد الطبية رفض الكشف عليه، معللاً ذلك بأنه غير سعودي.
وواصلت (ع. ر) حديثها ل»صحف» بكل ألم وحسرة وهي تقول: ابني كان شبه مغمى عليه وكنت أسير به بعربة المستشفى ورأسه يترنح يمنه ويسرة، فهو لم يكن يعي ما يحدث له، تركت ابني وذهبت لمدير المستشفى لأجعله يسمح لهم بالكشف على ابني الذي كان قلبي يتقطع عليه فوافق، ولكن الطبيب عاد مرة أخرى، وذكر أن ابني عمره (12) سنة وستة أشهر لذا فهو لا يتبع إسعاف الأطفال، حيث لا يقبل أكبر من (12) سنة، وإنما علي التوجه به إلى إسعاف الكبار، وكان الولد يذبل أمام عيني، وعندما توجهت لإسعاف الكبار أخبروني أنه لا توجد لديهم أسرة شاغرة، ويوجد لديهم حاليا حالتين في العناية المركزة وهم لا يستطيعون استقبال مرضى آخرين، خرجت بابني من المستشفى بسرعة باحثة عن مستشفى يستقبله داعية الله أن يقبل أحد بالكشف على ابني لأعرف ماذا أصابه؟ وفي ذهول من السائق الباكستاني الذي أوصلني للمستشفى والذي كان احن علي من ابن بلدي أوصلني للمستشفى، واستقبلنا مستشفى الملك سعود (مجمع الرياض الطبي سابقا) وكشف عليه.
ولكن بعد ماذا؟! أليست الأنظمة واحدة في كل المستشفيات: لماذا هناك من ينكر وجود هذا القرار، «ليس عندنا قرار يسمح لنا بإسعاف أبناء السعودية الأجانب». واستنكرت « أين الإنسانية من تعامل بعض المستشفيات والأطباء؟!».
حرم ابني من حلمه رغم تفوقه:
«لا يحق لأولادنا الالتحاق ببرنامج الابتعاث، ولا الانتساب للكليات الطبية أو الصحية».
ذكرت السيدة (ن س): كان ابني منذ نعومة أظافره يتمنى أن يكون طبيبا، وكان يجوب المنزل بلعبة الطبيب وما تحتويه من سماعات ومقياس للحرارة، يقيس حرارة إخوته ويكشف عليهم ثم يعطيهم الحلوى كأقراص للعلاج، وكنت أعلم أن لا يمكن لأحد أن يغير رأيه في أمنيته التي حلم بها، ولكن للأسف بعد أن تفوق في الثانوية العامة قوبل بالرفض في الانتساب لكلية الطب، وكانت الصدمة قوية عليه فهو يرى طموحاته وأحلامه تتناثر أمام عينيه، وبعد أن آفاق من هذه الصدمة قدم في الطب البيطري كونه يشبه ما كان يحلم به ولكنه ليس ما حلم به.
توكيل غريب وابني وزوجي يتفرجان:
«المرأة السعودية المتزوجة بغير سعودي لا تستطيع توكيل زوجها أو ابنها للقيام بشؤونها أو إدارة تجارتها، ولا يسمح لهم بتمثيلها».
أوضحت السيدة (أ.ن) المتزوجة من أردني أنها أرادت بيع سيارة تملكها «ذهبت للمحكمة حتى أعطي ابني تفويضا ليبيعها لي، ولكنهم رفضوا حيث إن ابني غير سعودي، وقالوا لي يجب أن توكلي شخصا سعودي الجنسية ليقوم ببيعها لك، ماذا أفعل؟ هل أأتمن شخصا غريبا على مالي وابني شاب أمامي لا أستطيع الاعتماد عليه؟ ولدته وربيته حتى يساعدني إذا كبرت واحتجت إليه، والآن هم يجمدونه فلا يستطيع عمل شيء، كيف يرضي أي شخص أن ابنه الشاب يصبح لا حول له ولا قوة ولا يستطيع مساعدة والدته بأي شيء كونه غير سعودي، أيعني أن أي شخص غير سعودي لا يحق له ممارسة حقه الطبيعي».
طلبت من ابنتي إخفاء جنسيتها:
أما السيدة (س.ع) طليقة رجل مصري ولديها بنت قالت: عندي فتاة واحدة وأبوها طلقني وأنا حامل بها، فهي ولدت وتربت في السعودية في منزل أهلي، ولم تعرف أباها قط،و لم تعلم في يوم أنها غير سعودية إلا عندما التحقت بالمدرسة في المرحلة المتوسطة،حيث بدأت بعض الطالبات هناك بالنفور منها كونها غير سعودية، مما سبب لها أزمة نفسية أثرت عليها كثيراً، والآن بعد التحاقها بالثانوية عز علي أن تهان ابنتي وأن تنبذها صديقاتها، فطلبت منها أن تكذب عليهم ولا تخبرهم بأنها غير سعودية، حتى لا يبتعدوا عنها, كان قلبي يتقطع وأنا أعود ابنتي على الكذب ولكن ماذا أفعل؟!».
زوجي وأبنائي مهددون بالترحيل:
وتكمل السيدة (خ.ع) سلسلة معاناة السعوديات المتزوجات من أجانب «ابني بعد بلوغه (22) سنة طلبت مني الجوازات نقل كفالته لأي مؤسسة خاصة، حيث كان على كفالتي أو كفيل والده، وإلا سيتعرض للترحيل باعتباره مخالفا لأنظمة الجوازات». وتسأل: إذا ألغي عقد والده لأي سبب فما مصير أسرتي؟!
ابنتي خادمة وابني سائق:
أما (ف.ع) التي ذكرت بكل حرقة وألم أنهم طلبوا منها تسجيل ابنتها الحاصلة على الماجستير كخادمة وابنها كسائق،» حتى يكونوا على كفالتي ويستطيعون ممارسة أبسط حق من حقوقهم بالسفر معي».
سافرت لتتزوج من ابن عمها غير السعودي:
وبينت الأم (ن.م) أن فرص العمل تنعدم لأبناء السعوديات المتزوجات من غير السعوديين «فبعد أن تخرجت ابنتي من قسم الحاسب الآلي بتقدير ممتاز، خرجت للبحث عن عمل لمساعدتي،ولكن لم يسمح أحد بتوظيفها كونها أجنبية، وعندما أعطتهم البطاقة الخاصة والتي كتب فيها تعامل معاملة السعودية، ذكر لها أحد الموظف (بليها واشربي مويتها)، وبعد جهد وواسطات عدة حصلت على وظيفة، لكن عندما استخرجت إقامة جديدة كتبوا عليها غير مصرح لها بالعمل، لتعود وتخسر عملها، فقد ذكر لها المدير أن عليها مراجعة الجوازات فهم غير مسئولين عن هذا الأمر، وبعد مراجعات عدة لم يفلح معهم شيء، فقررت ابنتي الخروج من المملكة والارتباط بابن عمها الذي لا تعرفه حتى ترتاح من المشاكل، وذكرت والألم يعتصرها «لم أستطع منعها فهي غير مرحب بها في بلدي».
أبنائي يتفرقون:
أما السيدة (ل ي) التي كانت تتحدث بكل أسى وحزن «أعيش حالة سيئة فأبنائي يتفرقون أمام عيني، حيث حصل أحد أبنائي على الجنسية وأصبح سعوديا، وابنتي قررت الرحيل لبلد والدها (سوريا)، وابني الثالث والذي تعب ولم يستطع الحصول على الجنسية قرر السفر لاستراليا للزواج من استرالية تعطيه الجنسية الاسترالية كي يستطيع ممارسة حياته بشكل طبيعي».
كيف يمكنني تأمين مستقبلهم؟
(لا يحق لي فتح حساب توفير لأبنائي، ولا تأمين مستقبلهم بأي طريقة) هذا ما قالته السيدة (و.ع)، وأضافت: لو اشتريت منزلا لأولادي فلن يملكوه بعد موتي، فلا يسمح لغير السعوديين بامتلاك العقار، كما أنهم سيحرمون من راتبي التقاعدي، والذي كان يحسم من راتبي الأصلي، وبعد موتي لا يستفيد منه أولادي، ولا أعرف كيف أؤمن لأولادي حياة كريمة.
إحدى صديقاتي توفاها الله قبل عدد من السنين، وكان لصديقتي (عائشة) ابنتان من زوجها الأول وهو سعودي الجنسية وبعد انفصالها عنه، تزوجت بغير سعودي حيث رزقها الله منه بابنتين أيضا، وبعد أن توفاها الله كان تقاعدها يصل لبنتيها السعوديتين فقط بالرغم من أنهم ليسوا بحاجة له فوالدهم سعودي ومقتدر، أما ابنتاها من غير السعودي فلا يسمح لهما بالحصول على حقهما في معاش والدتهما وهم بأمس الحاجة له.
ردود إلكترونية تزخر بالقسوة:
ذكرت (ج م) أنها طرحت معاناتها في إحدى المنتديات لعل أحد يجد لها حلا، وفعلا جاءتها بعض الردود المتعاطفة مع المشكلة، ولكن للأسف الأغلبية كانت للردود السلبية والتي تزخر بالقسوة الشديدة وعدم المبالاة بحال الآخرين وخاصة من الشباب، وقد أطلعت (صحف) على هذه الردود ونقلت بعضا منها كما هي:
- (تستاهلون, ما أحد ضربكم على أيديكم, لم يتزوجوكم لسواد عيونكم بل طمعا في مالكم, وين فارس الأحلام ليش مايسدد رسوم الإقامة، ماأحد حدكم تأخذون أجانب من قلة السعوديين, حريم ماأدري وشلون يفكرون).
- وبينت «هذه النماذج القاسية هم عينه لا تمثل سوى فئة من المجتمع، لكن لا نراهم أمامنا، لكن هناك أمثالهم الذين يقفون خلف مكاتبهم في الدوائر الحكومية والمستشفيات ويرفضون تطبيق الأنظمة، معللين بأنه لم يصلهم تعميم بذلك، وبعد أن تذهب لمسئول أكبر منهم يوافقون، فلماذا يجعلوننا نتعب ونبحث عن شخص آخر ربما أحيانا نجده، أو لا نجده وهم يعلمون بأن هذا القرار موجود وعليهم تنفيذه، مثل علاج أولاد السعودية في المستشفيات الحكومية».
- معاناة هؤلاء النساء لا تنتهي ولو كتبنا كل ما رصدناه فلن ننتهي، فمن هؤلاء السيدات من لديها طفل معاق يحتاج لرعاية خاصة وهي غير متوافرة له كونه غير سعودي.
- بانتظار الزواج منذ 5 سنوات
- صحف الإلكتروني بالمقابل التقت بأبناء السعوديات لترصد معاناتهم، «سهوى» قالت:أنا سعودية بكل ما فيني، سعودية عاداتي وتقاليدي وكلامي حياتي لباسي، وأنا لا أعرف غير السعودية بلد».
- وأضافت: أمي سعودية وأبي باكستاني وقد توفيا -رحمهما الله- منذ زمن، وأنا الآن عمري (30) سنة ولم أتزوج، وقد تقدم لخطبتي شاب يعمل في القطاع العسكري، ولكن لا يسمح له النظام بالارتباط بفتاة أجنبية، وأنا أحبه وهو ينتظر حصولي على الجنسية منذ خمس سنوات، ولكن دون جدوى ونحن بدون جنسية فلا السفارة الباكستانية ترضى الاعتراف بنا، ولا السعودية التي عشت فيها طوال حياتي تمنحني الجنسية.
- وتواصل حديثها وهي تبكي حرقة: أنا سعودية بكل ما فيني، سعودية بعاداتي وتقاليدي وكلامي وحياتي ولباسي، فأنا لا أعرف غير السعودية بلد، فأنا أعيش في منزل أختي الكبرى وهي تقسو علي وبشدة، حياتي كلها عذاب ولن ينقذني من هذا العذاب غير الزواج.
- لا أرى أمامي فرصة سوى الضياع
- أما أختها مها والتي تكبرها ولم تتزوج أيضاً فذكرت: «كل الطرق مسدودة في وجهي ولا أرى أمامي حلاً سوى الضياع، فلا أحد يريد توظيفي حتى ولو خادمة، لأنني بدون جنسية فما ذنبي أن والدتي تزوجت برجل باكستاني، فأنا لم أعرف والدي يوماً حيث توفي ونحن صغار».
حياتنا مشاكل في مشاكل:
ذكرت هند: (والدتها سعودية ووالدها مصري) أنا خريجة كلية التجارة بمصر حيث قررت والدتي الانفصال عن والدي والعودة للسعودية، ولكن للأسف لم نجد لنا مكانا في السعودية، ومنذ وصولنا وحياتنا كلها مشاكل، وأصبحنا ننام على مشكلة ونصحو على مصيبة، مللت هذه الحياة ولكنني لا أستطيع ترك والدتي والتي حاربت كثيرا من أجلنا.
وأضافت: أنا أحب الكتابة ولكن الظروف الصعبة التي نعيشها لا مجال فيها لممارسة الهوايات وتطوير أنفسنا، نظل ندور في عجلة تملؤها المشاكل فقط لا مجال لغيرها.
إحساس بالغربة وعدم الانتماء
الدكتورة أمل زكريا عبد الوهاب استشارية نفسية: أكدت أن هناك عددا غير قليل من السعوديات المتزوجات من أجانب وأبنائهن يزورون العيادة، وبينت أن التأثير النفسي يطال الأم وأبنائها «يأتيني في العيادة عدد ليس بالقليل ممن لديهم هذه المشكلة، فالأولاد يحسون بالغربة والبعد عن المجتمع الذي وجدوا أنفسهم فيه، وذلك بسبب حرمانهم من أغلب الحقوق التي يتمتع بها أقرانهم في المدرسة وأصدقائهم أو أقاربهم من أولاد خالاتهم وخلاتهم، وبالتالي يحصل لديه اضطراب بالشخصية ويقل انتماؤه لوطنه الذي ولد وعاش وكبر فيه، والكثير منهم كانوا يقولون لي «إن بعض أصدقائهم ينبذونهم في المدرسة وذلك لأنهم أجانب وليسوا سعوديين».
وحول تأثير ذلك على الأم أوضحت «هي تحس بالعزلة وأنها منبوذة من مجتمعها بمجرد ارتباطها بزوج غير سعودي، وتحس بغربة أولادها عن مجتمعها، وهي تتحمل الكثير من المشاكل التي تواجهها وتواجه صغارها،وخصوصاً تحملها المصاريف المادية للمنزل، حيث أن زوجها لا يسمح له بالعمل لمساعدة زوجته، فبالتالي تواجه الكثير من المشكلات النفسية، فالمشاكل المادية تزيد من الضغط النفسي على الأم مما يجعلها عصبية دائماً ومتوترة، وذلك يعود سلباً على أطفالها».
زواج السعوديين من غير سعوديات:
أرجعت الدكتورة سهيلة زين العابدين في حديث لها مع (صحف) سبب زواج السعوديات من غير سعوديين لعدة أسباب حيث ذكرت: الأم التي تتزوج من غير سعودي هي في الغالب تكون أمها غير سعودية، فحينما تكبر تتزوج من ابن خالتها أو ابن خالها ويكون غير سعودي.
فزواج السعوديين من غير سعوديات له دور كبير، حيث يحصل ارتباط بين إحدى بناته وأحد أقرباء والدتها الغير سعودية، بالإضافة إلى أن كثيرا من شبابنا لا يرغبون بالارتباط بالطبيبات والممرضات، وذلك بسبب نظام عملهم مما يضطر الكثير منهن بالارتباط بزميلها الأجنبي الذي قدرها بشهادتها العلمية، ومنهن من اختارت أن تشق طريقها بلا زوج بعد العنوسة، فتكبر بدون أولاد حولها يعتنون بها وتحرم من الأمومة طوال حياتها، وللأسف بدل أن تجد التقدير من مجتمعها على الشهادات العلمية التي حصلت عليها، تقابل بعزوف الشباب عنها، وأن وافقت وتزوجت بغير سعودي ستجد حياتها مليئة بالمشاكل وكأنها أخطأت عندما اختارت تخصص يفيد بلدها.
وأوضحت زين العابدين: من ضمن الأسباب هنالك سيدات سعوديات يتمنين الأمومة وفاتهن قطار الزواج وأصبح حلم الأمومة مثل السراب تراه من بعيد، وربما يختفي بعد فترة وإلى الأبد، لذلك أخذوا الموافقة على الزواج من أجنبي. لذا تختار السعودية الطريق الشاق، وبعد أن تتم الموافقة على زواجهم من وزارة الداخلية للأسف يلاقين الكثير من الصعاب والمشاكل.
قواعد وضوابط من جمعية حقوق الإنسان:
وقد طرحت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان ل»صحف» بعض القواعد والضوابط لمعاملة أزواج وأبناء السعوديات المتزوجات من غير سعوديين.
- على الجهات المعنية إصدار تعاميم لجميع الجهات تفيد أن أولاد المواطنة السعودية (ذكورا وإناثا) يعاملون معاملة السعوديين وكذلك أزواجهم في جميع مجالات الحياة- الطبابة – الدراسة – التوظيف – الحصول على راتب مصلحة التقاعد – الوكالة، التعريف، الضمان الاجتماعي، ملكية البيت الذي تم شراؤه بقرض من البنك، الاكتتاب بالأسهم، وفرض الرقابة على تفعيل ذلك وإعطاؤهم الحق بالتقدم بشكوى ضد أي جهة لا تلتزم بذلك.
- على الجهات المعنية تخفيف أعباء تجديد الإقامة والخروج والعودة على أبناء السعوديات وأزواجهم كإعطائه إقامة دائمة أو منحهم جواز سفر سعودي يجنبهم تلك الأعباء وذلك لتميزهم عن غيرهم من المقيمين وإعفائهم من رسوم الإقامة وتجديدها.
- على الجهات المعنية تمكين أبناء المواطنة ذكوراً أو إناثا وكذلك أزواجهم من نقل كفالتهم إليها متى شاءوا دون اشتراط أن يكونوا على مهنة معينة.
- على الجهات المعنية إخطار ولي أمر ابن السعودية قبل بلوغ الابن الثامنة عشرة بتحديد موقفه من رغبته بالحصول على الجنسية من عدمه وتحديد مدة لا تتجاوز ستة أشهر لإنهاء إجراءات من طلب منهم الحصول على الجنسية السعودية.
- على الجهات المعنية عدم إبعاد زوج المواطنة السعودية وأبنائها عند ارتكابهم أي جريمة أو مخالفة ومعاملتهم معاملة السعوديين من حيث تطبيق العقوبات للحفاظ على توثيق أواصر الأسرة المنصوص عليها في المادة العاشرة من النظام الأساسي للحكم.
- على الجهات المعنية إنهاء مشكلة أبناء المواطنات السعوديات الذين ليس لديهم أوراق ثبوتية ومن لم يعرف والده أو تعرف جنسيته تطبق عليه المادة السابعة من نظام الجنسية التي تنص على (أنه يكون سعودياً من ولد داخل المملكة العربية السعودية أو خارجها لأب سعودي أو لأم سعودية وأب مجهول الجنسية أو لا جنسية له.
- ينبغي دراسة إمكانية منح أزواج المواطنات السعوديات الجنسية السعودية لمن طلبها منهم وفق ضوابط معينة على غرار الضوابط المطلوبة لحصول زوجة السعودي الأجنبية على الجنسية السعودية.
وأملت الجمعية دراسة هذه المقترحات من قبل وزارة الداخلية لعل تفعيلها يكفل إيجاد حلول نهائية لمعاناة هذه الأسر.