لماذا لا نستبدل العمالة “الوافدة” بـ”المقيمة”؟ هؤلاء يحملون شهادات ميلاد سعودية، يمارسون نفس الثقافة والعادات التي تمارسها الأسرة السعودية، ولا يعرفون بلدا غير المملكة موطنا لهم.
ما زالت العمالة الوافدة الأجنبية تشكل الأغلبية المطلقة للقوى العاملة في كل دول مجلس التعاون بلا استثناء. بيد أن هناك تفاوتا في الإحصاءات، حيث تزيد على 80٪ بالنسبة لدولة الإمارات العربية المتحدة لكنها تقل عن 60 % في السعودية، فهي مسيطرة على قطاع الأعمال والخدمات ومنها قطاع المقاولات والبناء والنقل والتجارة بأنواعها الجملة والمفرق والبقالات والمطاعم والفنادق وغيرها، والسبب الرئيس في استمرارية تواجدهم هو أنهم لا يطلبون أجوراً مرتفعة ويتقبلون أي عمل يُوكل إليهم وفي أي ظرف من الظروف، ولا يرفضون أوامر أرباب العمل مطلقاً بعكس السعودي مثلاً فهو لا يتحمل أن يعمل لساعات طويلة تصل إلى نصف يوم كامل براتب غير مُجزٍ، ولا يستطيع أيضا أن يُقاوم التأخير في صرف الرواتب أو تحمل المكوث طويلاً في سيارة مكشوفة تنقله من مكان لآخر تلسعه فيها حرارة الشمس لعدة شهور.
إنني أتساءل: هل يمكن أن نتحدث عن قصة السعودة في هذه الظروف والأجواء غير المهيأة للعمل والإنتاج؟
بالطبع لست هُنا الآن بصدد النقاش حول قضية حقوق أو انتهاك حقوق العمالة الوافدة، فهو موضوع في غاية الأهمية، ولكني بصدد البحث عن حلول لهذه المشكلة، وهي ازدياد عدد العمالة الوافدة بشكل فاقع، وخصوصا أن هذه الظاهرة تحمل آثارا ضارة على الاقتصاد الوطني تتمثل في وجود أموال طائلة يتم تحويلها إلى الخارج تخطت 140 مليار ريال في السنة!! وتسهم بأضرار اقتصادية كبيرة كقضايا التستر التجاري التي بلغت (1127) قضية، وأن قطاع المقاولات وحده يمثل 43% من قطاعات التستر التجاري ثم السلع الاستهلاكية بنسبة 19.2%، والتجارة العامة بنسبة 16% والسلع الغذائية بنسبة 8% وأعمال أخرى تشكل نسبة 15.8%، لماذا لا نستبدل العمالة “الوافدة” بـ”المقيمة”؟ هؤلاء يحملون شهادات ميلاد سعودية، يمارسون نفس الثقافة والعادات التي تمارسها الأسرة السعودية، يتلقون نفس التعليم الذي يتلقاه المواطن العادي بالمدارس، يرددون نفس النشيد الوطني في صباح كل يوم دراسي جديد، وملتزمون بالزي السعودي في المدارس، ويمارسون التحدث بنفس اللهجة السعودية..
هؤلاء لا يعرفون بلدًا غير المملكة موطنًا لهم، وليس لهم صلة بالبلد الذي يحملون جنسيته الأصلية، فهم سعوديون حتى النخاع ويظهر ذلك بشكل واضح في مباريات كرة القدم وتشجيعهم للمنتخب الوطني والفرق المحلية، فلمَ لا تُمنح الجنسية السعودية لهم وإحلالهم محل العمالة الوافدة؟
هناك من يتساءل بأن التجنيس يعني زيادة عدد السكان والبطالة كمشكلة اقتصادية يُعاني منها المواطن المحلي موجودة فما هذه المفارقة؟ الجواب وهل هُناك صلة بين تجنيس المقيم والبطالة؟ البطالة كمشكلة في المملكة ليست مرتبطة بارتفاع عدد السكان بقدر ماهي مرتبطة بالاستثمار في عملية الإنتاج والكفاية المهنية، إنني أقول من المهم الانتقال إلى مرحلة عملية يتم فيها إيجاد حلول، والاقتراح يكون بمواجهة المشكلة من جذورها، وذلك من خلال توفير عمالة مقيمة (وطنية) وإحلالها بدلا من بعض العمالة الوافدة، على أن يكون هناك تدريب وتأهيل يجعل منها عمالة بديلة وليست مجرد تفضيل، فالسوق تحتاج بالفعل إلى عدد ونوع أيد عاملة ملتزمة بالعمل، وبقيم العمل وهذا يقلص من معدل الجرائم، التي تتزايد مع زيادة العمالة الوافدة، ولك أن تتخيل مبلغ 140 مليار ريال بدل من صرفه في الخارج مع العمالة الوافدة يتم الاستفادة منه في داخل الاقتصاد السعودي مع العمالة المقيمة.