أواصل الحديث عن ملتقى المرأة السعودية ما له وما عليه»؛ إذ توقفتُ في الحلقة الماضية عند عدم تطرق الدكتور «علاء أبو العنين «في ورقته التي كانت بعنوان « حقوق المرأة في الأنظمة السعودية» إلى المواد التي تسلب المرأة أهليتها، ومنها:
•المادة(76) من نظام الأحوال المدنية التي تشترط موافقة ولي أمر المرأة على حصولها على بطاقة الأحوال المدنية الخاصة بها، وكذلك المادة( 7) من نظام جوازات السفر ، والمواد ( 5،8، 9) من اللائحة التنفيذية لنظام وثائق السفر التي تنتقص من أهلية المرأة، وكذلك المواد التي تشترط حضور ولي أمر المرأة لإخراج جواز سفر أو تجديده أيًا كان عمرها، ومكانتها العلمية والاجتماعية.
•المادتان(33)، و(53) من نظام الأحوال المدنية تتعامل مع المرأة معاملة القاصر، فتعطي الذكر المتمم لسن 17 عاماً ما لم تعطه للمرأة البالغة الرشيدة حتى في أمور تتعلق بها كتسجيل اسم مولودها، أو التبليغ بالوفاة عن زوجها، أو أحد أقاربها.
•اشتراط وجود معرفين للمرأة من محارمها في القضاء، وهذا لا يوجد في ديننا الإسلامي، ولم يؤثر عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو أول قاضٍ في الإسلام أن طلب من امرأة بمعرفين عند التقاضي إليه.
•اشتراط موافقة ولي أمر الفتاة عند التحاقها بالمدرسة، والجامعة ،والعمل، أو عند إجراء عملية جراحية لها وإعطاؤه حق سحب ملفها، أو إخراجها من المستشفى وقتما شاء.
•إعطاء الرجل سواءً كان أخًا أو عمًا ، ابن عم، أو حتى طليق الأخت حق رفع دعوى تطليق المرأة من زوجها بدون علمها ، أو رضاها بدعوى عدم الكفاءة في النسب!!!
•اشتراط خروج المرأة السجينة من السجن بعد انتهاء محكوميتها، بحضور ولي أمرها لاستلامها، وقد لا يأتي ،فتظل باقي عمرها في السجن، وفي هذا مخالفة صريحة للمادة (21) من «نظام السجن والتوقيف التي تنص على «لا يجوز أن يؤخر الإجراء الإداري الإفراج عن المسجون أو الموقوف في الوقت المحدد.»
•تجاوز البنوك حق الذمة المالية المستقلة للمرأة بِإعطائها للزوج حق اكتتاب الأسهم باسم زوجته وأولاده دون إذن منهم ،ودون أخذ موافقتهم، ،في حين نجد البنوك ذاتها لا تسمح للأم فتح حساب لأولادها من مالها الخاص بها دون موافقة أبيهم، كما لا تستطيع شراء أسهم باسم زوجها، والسماح بالحساب المشترك، وفي هذا ضياع لحقوق المرأة، لأنَّ غالباً ما يفرض الزوج على زوجه هذا الحساب المشترك ،ليستولي على أموالها ،ويصبح هو المتحكم فيه ،ولو طلقها يأخذ هذا المال ،ويصعب عليها عندئذ إثبات حقها ،وفصل مالها عن ماله ،فقد يدعي الزوج أنَّ لا مال لها، وأنَّ ما سحبته من الرصيد هو يمثل نصيبها، وقبولها تسجيل الزوجة حساب زوجها البنكي في بياناتها الوظيفية لإيداع راتبها الشهري فيه.
•لم يتطرق الدكتور علاء في ورقته إلى التمييز ضد المرأة في كثير من الأنظمة، مثل نظام صندوق التنمية العقارية الذي أعطى للذكر البالغ من عمره (21) سنة حق الاقتراض ،بينما اشترط على المرأة أن تكون أرملة ، أو مطلقة مضى على طلاقها سنتان، أو غير متزوجة عمرها ( 40) سنة وحرم المتزوجة من حق الاقتراض، وأدى هذا إلى ضياع حقوق المتزوجات اللواتي حولن ملكية أراضيهن لأزواجهن ليقترضن بأسمائهم ،ويلتزمن بتسديد الأقساط من رواتبهن ،وعند الطلاق يطردن من بيوتهن، لأنها ليست مسجلة بأسمائهن، وهذا ما حدث للكثيرات.
•في نظام التقاعد المدني يلاحظ تمايزاً بين الموظف والموظفة المتزوجين من أجانب ،فالموظفة المتزوجة من أجنبي إن توفيت لا يحصل زوجها وأولادها على نصيبهم من تقاعدها إن لم يحصلوا على الجنسية، بينما تتمتع بهذا الحق زوجة الموظف الأجنبية وإن كانت فلسفة النظام أنَّه لا يصرف معاش إلاَّ لحاملي الجنسية السعودية، فكيف يفسر صرفه معاشاً لزوجة المتوفى الأجنبية، وفي حالة سفرها يُرسل لها نصيبها إلى بلدها؟
•وهناك مخالفة شرعية في عدم توريث عقارات المتوفاة السعودية لزوجها وأولادها الأجانب، وعليهم أن يبيعوا ممتلكاتها ليتقاسموا قيمتها مع أن الدولة سمحت بتمليك الأجانب!
هذه نماذج لبعض المواد في بعض الأنظمة التي تسلب المرأة أهليتها، وتتعامل معها معاملة القاصر على الدوام، والبعض الآخر الذي فيه تمييز شديد للرجل ضد المرأة، والتي تجاهلها الباحث في ورقته، وكانت سببًا رئيسيًا في معاناة الكثير من النساء السعوديات وحرمانهن الكثير من حقوقهن الشرعية، كما تجاهلتها الدكتورة أفراح الحميضي في تعليقها على هذه الورقة، والذي استوقفني كثيرًا، وهذا ما سأبحثه في الحلقة القادمة إن شاء الله.