تقرير عن قرار تصحيح أوضاع العمالة الوافدة والآثار المترتبة عليه مقدم من رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الدكتور مفلح بن ربيعان القحطاني للقاء الدوري لأعضاء الجمعية بمدينة الرياض..
صدرت التعليمات مؤخرا بالقيام بحملات تفتيشية من اجل تصحيح أوضاع العمالة الوافدة المخالفة لأنظمة العمل والإقامة وقد احدث تنفيذ هذه التعليمات أزمة شديدة في سوق العمل ليس فقط بالنسبة للعمال وإنما أيضا لأرباب العمل المنشئات والمشاريع والمواطنين والمستهلكين الذين يتلقون الخدمات بل توقف العمل في بعض الأنشطة والخدمات وأغلقت أو صفيت بعض المؤسسات والمشاريع وطالبت بعض الدول بإعطاء فرصة لعمالتها لتصحيح أوضاعها .
وقد تلقت الجمعية العديد من الشكاوي والتظلمات في هذا الشأن وقام فريق منها برصد وزيارة لبعض الأنشطة والمشاريع في مدينة الرياض وشاهد الآثار المترتبة على تنفيذ هذا القرار وصدر تصريح من الجمعية حول المطالبة بحلول للسلبيات المترتبة على تنفيذ القرار و دراسة مدى إمكانية وقف القرار و إعطاء فرصة لتعديل الأوضاع بما يساهم في تحقيق العدالة للجميع ولا يضر بالحقوق ويحفظ امن الوطن واستقراره الاقتصادي والاجتماعي حيث اتضح أن الوضع الحاصل له انعكاسات سلبية .
وقد صدرت توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، لوزارتي الداخلية والعمل، بإعطاء فرصة للعاملين المخالفين لنظام العمل والإقامة في المملكة لتصحيح أوضاعهم في مدة أقصاها ثلاثة أشهر من صدور التوجيه ، ومن لم يقم بذلك فيطبق بحقه النظام.
أهداف القرار:
1- توفير فرص عمل للسعوديين
2- تصحيح أوضاع العمالة المخالفة لنظامي العمل والإقامة
الموقف المجتمعي من القرار: –
حسب ما تم رصده من قبل الجمعية فقد كان هناك شريحة كبيره من المواطنين وبعض كتاب الرأي تؤيد هذا القرار وترى انه سوف يساهم في توفير فرص وظيفية للشباب ويقلل من مشاكل وإخطار العمالة الأمنية والاجتماعية ولكن كان هناك شريحة أخرى ومنهم بعض المهتمين بالشأن الحقوقي والاقتصادي ترى انه سيترتب على تنفيذ هذا القرار بدون إعطاء فرصة لتصحيح الأوضاع وتعديل لبعض الأنظمة واللوائح المتعلقة بهذا الموضوع أضرار كبيره بالنسبة للمستهلكين وأصحاب المؤسسات الصغيرة ويعرقل تنفيذ المشاريع بشكل عام ومشاريع المقاولات والخدمات بشك خاص
تحديد أنواع العمالة في البلاد :
- متسللين عبر الحدود مع بعض الدول المجاورة وبالتالي لا يحملون إقامة نظامية وليس مصرح لهم بالعمل
- عمالة أتت بتأشيرات عمرة او حج ثم تخلفت عن المغادرة الى بلادها وأصبحت تعمل بطرق غير قانونية ولا تحمل إقامة نظامية .
- عمالة قدمت بتأشيرة عمل ولديها إقامة سارية المفعول ولكنها تعمل عند غير كفيلها أو تعمل بمهن غير المدونة في إقامتها
- المرافقين للمقيمين النظاميين والذين يكون أغلبهم زوجات للمقيمين وتكون الزوجة قد حصلت على عمل بطريقة غير نظامية
- عمالة نظامية تعمل لدى كفلائها وبالمهن التي استقدمت من أجلها
- عمالة بدون هوية وهم (البدون أو الأشخاص الذين لا يحملون أوراق ثبوتية) وهم سعوديون ولا يعرفون غير المملكة وطنا ولكن لم يحصلوا على الجنسية السعودية
- عمالة أتت بطريقة نظامية وتحمل إقامة نظامية ولكن إقامتها منتهية الصلاحية ولا تستطيع أن تجديدها نظرا لوجود مشاكل بينها وبين الكفيل أو قد يكون الكفيل نفسه قد بلغ عنها هروب أو تغيب .
- عمال من الجالية البرماوية أو بعض الجاليات الأخرى والتي تعاني من صعوبات في العودة أو التواصل مع بلادها الأصلية وعدم حملها في اغلب الأحيان جوازات سفر وبقائها في البلاد بشكل غير نظامي
- أبناء بعض المواطنات السعوديات المتزوجات من أجانب أو من مجهولي هوية وعدم استفادتهم من التعليمات الخاصة بمعالجة أبناء السعوديات
- ايجابيات تطبيق القرار :-
- المساهمة في تنظيم سوق العمل وتصحيح أوضاع إقامة بعض العمالة الوافدة مما يساعد على التقليل من المخاطر الأمنية والاقتصادية والاجتماعية لهذه العمالة
- يساعد القرار على توفير فرص وظيفية لطالبي العمل السعوديين
- القرار يسمح لمنشات القطاع الخاص المصنفة في النطاق الأخضر بنقل كفالة من تحتاج إليه من العمالة التي انتهت إقامتها نظاما دون موافقة الكفيل السابق
- يمهد القرار لإيجاد البديل الوطني للعمالة الوافدة في بعض المجالات
سلبيات تطبيق القرار بشكل غير متدرج :-
- ارتفاع أجور الأيدي العاملة واستغلال البعض هذا الشح لرفع الاسعار بشكل كبير
- تعثر وتأخر تنفيذ بعض المشاريع وزيادة تكلفة البناء وأجور الخدمات
- رغم اهمية التوجيه السامي بمنح مهلة ثلاثة اشهر لتصحيح الاوضاع مما يساعد على استمرار وتيرة الحركة الاقتصادية والتجارية للمشاريع وعدم تعطلها نتيجة نقص العمالة بسبب ترحيلها بشكل مفاجئ الا ان هذه المهلة غير كافية لتصحيح وضع العمالة فحجم العمالة المخالفة لنظام العمل والإقامة كبير وقضياهم متشعبة وهناك بطء في اجراءات الجهات المختصة وعدم فهم لطبيعة بعض القضايا وعدم الرغبة لدى بعض العاملين في هذه الجهات لإيجاد حلول دائمة للقضايا العمالية المتكررة
- لم يسبق الحملة تنبيهات كافية للقطاعات فمفاجئة القطاعات بتلك الحملة أدى إلى توقف الكثير من المشاريع التنموية وخاصة المقاولات والتشييد والبناء مما أدى إلى حدوث فوضى في سوق العمل
- مفاجئة الحملة للعمالة أدت إلى ضياع حقوق بعضهم نظرا لأن بعضهم يعمل بدون عقد نظامي بسبب مخالفتهم لأنظمة العمل والإقامة لأسباب يعود بعضها لأرباب عملهم والبعض الاخر للعمال انفسهم وبالتالي توقفهم المفاجئ عن العمل أدى إلى عدم حصول بعضهم حقوقه
- عدم وجود اماكن كافية لاحتجاز هذه العمالة المخالفة وعدم تجهيز الموجود منها بالوسائل المناسبة التي تحفظ الحد الادنى من متطلبات حقوق الانسان
- لم يفرق القرار بين انواع العمالة المشار اليها اعلاه حيث ان هناك بعض العمالة لا يمكن ترحيلها لأسباب مختلفة
النتائج والتوصيات لهذا اللقاء :-
- التأكيد على حق المملكة العربية السعودية في ترحيل أي عامل لا يلتزم بقوانينها أو يدخل إلى أراضيها بشكل غير مشروع ومطالبة العمال الوافدين بالالتزام بقوانين وأنظمة البلد
- إصلاح موضوع التأشيرات وتوفيرها بحسب الحاجة لطالبيها وبالمهن المطلوبة عند الوفاء بمتطلبات السعودة وإيجاد آلية مرنه لمنحها بحيث تتناسب عدد التأـشيرات مع حاجة المنشئات المختلفة للعمالة لما في ذلك من اثآر ايجابية لنجاح المشاريع ولتفادي التحايل
- ملاحظة أن أصحاب التأشيرات الذين كانوا يستقدمون عمالة ثم يتركونهم يشتغلون لحسابهم مقابل مبلغ مقطوع يحصلون عليه قد حلت محلهم شركات الاستقدام المرخص لها مؤخراً ولكن لوحظ أن هذه الشركات نفسها قد رفعت تكلفة استقدام هذه العمالة حتى وصلت تكلفة عامل النظافة إلى حوالي ثلاثة آلاف ريال مما يتوجب دخول الجهات الحكومية المعنية لحماية الطرف الضعيف في العلاقة وهو المواطن المستفيد من العمالة مع ضمان ربح معقول لهذه الشركات لان البدايات تشير إلى أن هذه الشركات ساهمت في حماية حقوق العامل مع إهمال لحقوق المواطنين المستفيدين وأرباب العمل
- تفعيل مراقبة الحدود لمنع المتسللين من العمالة وبحث بدائل مناسبة مع دول هذه العمالة من خلال إقامة مشاريع في دولها تستقطبها وتصدر منتجاتها للسوق السعودي .
- تمديد مهلة تصحيح أوضاع العمالة وإعطاء فرصة اكبر للقطاعات بحيث تدرس حاجتها للعمالة ووضع خطط إستراتيجية لها
- تطوير المؤسسات المعنية بالحجاج والمعتمرين بما يضمن مساهمتها في إعادة جميع الحجاج والمعتمرين القادمين عن طريقها مع فرض غرامات محددة لقاء كل حاج او معتمر لا يتم إعادته عن طريق هذه المؤسسات إلى وطنه وربط الجهات المختصة بنظام يساعد على التأكد من مغادرة القادمين للحج والعمرة بعد انتهاء أداء الفرائض
- الأخذ في الاعتبار أن رفع تكلفة العامل الوافد ليس بالضرورة ان تودي الى توظيف سعوديين بل قد يترتب عليها رفع تكلفة المعيشة في المملكة في ظل ثبات الرواتب وإغلاق لبعض المنشئات والمؤسسات الصغيرة والتي تساعد حاليا في سد احتياجات بعض الأسر وتشغيل حد ادني من السعوديين كما تعمل في مناطق نائية او ذات ظروف لا يقبل السعوديين بالعمل فيها مما يتطلب دراسة مثل هذه الحالات بعناية
- التدرج في تصحيح وضع العمالة ووضع جدول زمني محدد يساهم في تسهيل عملية القضاء على ظاهرة العمالة الغير قانونية بشكل تدريجي دون إحداث أي فوضى في سوق العمل او إلحاق الضرر بمنشات القطاع الخاص والمستهلك وذلك بإتباع آلية محددة تتمثل بالتالي:-
– البدء بمعالجة أوضاع العمالة المتسللة وتلك التي لا تحمل إقامات نظامية مع مراعاة معالجة تلك الشريحة من العمال التي لا يمكن ترحيلها لأسباب تعود لانتمائها الوطني أو يكون لبلادها وضع خاص كالفلسطينيين والبرماويين وغيرهم.
– إعادة النظر في القواعد التي تنظم عمل العمال عند غير كفلائهم بحيث يسمح لعمال تلك الجهات التي يكون من طبيعة عملها تشغيل عمالتها او تأجيرها للغير كما هو الأمر بالنسبة لأعمال المقاولات من الباطن وكذلك تلك المؤسسات أو الشركات التي تكون طبيعة عملها موسمي ولا تستطيع تحمل دفع رواتب عمالتها طيلة شهور السنة وذلك من خلال استحداث آليات نظامية تسمح بذلك.
– الاستفادة من العمالة الحالية وتسجيلهم لدى مكاتب العمل وتصنيفهم حسب مهنهم وإعطائهم أقامات مؤقتة لفترة محددة يطلب منهم خلالها نقل كفالتهم لكل من لديه الحاجة إليهم بدلا من وضعهم في سجون الترحيل وتحمل تكاليف ترحيلهم والذي لا يلتزم منهم بتصحيح وضعه خلال هذه الفترة يرحل .
- الأخذ في الاعتبار أن إبقاء العمالة المدربة ذات الكفاءة تساعد في خلق المنافسة وزيادة الإنتاج وخلق الوظائف وخيار أفضل من الاستقدام من جديد.
- يجب تسهيل نقل الكفالة أو تغيير رب العمل ووضع خطة لتسريع إجراءاتها نظرا لمحدودية المدة وكثافة عدد العمالة.
- مراعاة أوضاع الشركات والمؤسسات التي ارتبطت بعقود لتنفيذ مشاريع حكومية أو خاصة مقابل مبالغ محددة تم حساب أجور العمالة خلالها بأسعار معينة ورفض السماح للعمالة حتى بموافقة كفلائهم للعمل معهم سيؤدي إلى توقف هذه المشاريع أو تعثر تنفيذها.
- مراقبة أداء شركات الاستقدام الجديدة بما يضمن توفير العمالة لمختلف القطاعات في الوقت المناسب وبالسعر المناسب.
- إلغاء نظام الكفيل وقصر العلاقة بين العامل وصاحب العمل على علاقة تعاقدية فقط بانتهاء مدتها يجوز للعامل الانتقال لرب عمل اخر او المغادرة لبلادة منعا للتعسف ولخلق عمالة غير نظامية في حالة الاختلاف بين الطرفين.
- إطلاق مبادرات جادة لخلق وظائف في القطاع الخاص مدعومة من الدولة من خلال تحمل الدولة للتامين الطبي والتأمينات الاجتماعية للعاملين السعوديين في هذا القطاع مما يساعد أرباب العمل على تحمل تكلفة العامل السعودي ويقلل التكلفة على المواطنين لأن منشئات القطاع الخاص تحمل في الغالب الأعم تكلفة الأيدي العاملة سعودية أو أجنبية على المواطن أو المستفيد ويمكن استثناء البنوك والشركات الكبيرة القادرة على تحمل هذه التكلفة .
- إعادة النظر في ساعات العمل في القطاع الخاص .
- الأخذ في الاعتبار أن رفع تكلفة العامل الوافد لا تتحملها الشركات والمؤسسات فمن يتحملها في النهاية هو المواطن العادي المستفيد او الطالب للخدمة والذي بدوره لن يستطيع تحملها بسبب محدودية دخله وضعف راتبه مقارنه بمواطني الدول المجاورة
- ضرورة إعادة النظر في التعليمات التي تنظم تعديل المهنة وإيجاد آلية تتماشى مع الواقع بحيث لا يضطر احد إلى التحايل لاستقدام عمالة بخلاف مهنتها الحقيقة لتلبية ما لديه من أعمال كما أن الحاجة تدعو إلى وضح قوائم كلية وفرعية للمهن بحيث يستطيع العمل أن يعمل في أكثر من مهنة فرعية تحت مظلة المهنة الكلية لان الواقع اثبت أن هناك نسبة من العمال يستطيع إجادة أكثر من مهنة فرعية وتأديتها ومنع ذلك يضطر المواطن او صاحب العمل للاستقدام .
والله الموفق ,,