دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)– تواصل الجمعيات والمؤسسات الأهلية في عدد من البلدان العربية حملتها لتغيير قوانين الجنسية للسماح للمرأة المتزوجة من أجنبي بمنح جنسيتها لأطفالها تحت شعار “جنسيتي حق لي ولأطفالي” و “جنسيتي حق لي ولأسرتي”.
وبينما لا تزال بعض الدول العربية تواجه مشاكل عدة في هذه القضية، بدأت الأمور بالتحسن في دول أخرى، كدولة الإمارات العربية المتحدة، التي أصدر رئيسها الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان قرارا يقضي بمنح الجنسية الإماراتية لـ1117 ابنا لسيدات إماراتيات متزوجات من أجانب.
مثل هذه الحملات انطلقت في العديد من الدول العربية منذ سنوات لتقوم بعض الحكومات العربية كمصر وتونس بتغيير قوانينها لإعطاء المرأة هذا الحق.
وفي حديث خاص لموقع CNN بالعربية مع مقررة لجنة المرأة وحقوق الإنسان في نقابة المحامين الأردنيين نور الإمام حول أسباب عدم وجود قوانين في العالم العربي تمنح المرأة الحق بإعطاء جنسيتها لأبنائها عند زواجها من أجنبي قالت: “بداية، بالنسبة للحالة الأردنية فإن قانون الجنسية الأردني يمنح الجنسية للأبناء عن طريق رابطة الدم أو(حق الدم) بالولادة من أب أو أم متمتعة بجنسية الدولة، أو الارتباط الإقليمي الذي يعتمد على واقعة الولادة على إقليم الدولة.”
وأضافت: “هناك تخوّفات من أن يصبح الأردن هو الوطن البديل للفلسطينيين المتزوجين من أردنيات حال إعطاء الزوجة جنسيتها لأبنائها وبالتالي تخوّف من عملية تجنيس لأكبر عدد من الفلسطينيين.” أما على مستوى العالم العربي، فترى الإمام أن البعض يعزو سبب حرمان المرأة من هذا الحق هو من منظور الشريعة الإسلامية حسب النص القرآني “ادعوهم لآبائهم”، وفي هذا السياق تقول: “أرى أن هذه نظرة قاصرة للشريعة الإسلامية ونظرة تمييزية بحق المرأة مباشرة، وكلها تمثل عوائق لا تنظر للمرأة كمواطنة كاملة الحقوق والواجبات.”
أما العضو في منظمة “كفى عنف واستغلال” في لبنان ليلى عواضة فقد قالت:”الأمر المشترك في قانون الأحوال الشخصية في الدول العربية، هو مبدأ الولاية باعتبار أن الأب له حق الولاية والوصاية على أبنائه والأم لا تمتلك هذه السلطة.” وتفسّر عواضة الولاية بأنها حق الأب في تقرير مصير أبنائه من حيث السفر والتنقل وغيرها، فتصبح له ولاية حصريّة على الأبناء وهذا أحد أهم أوجه التمييز ضد المرأة.
وتصف عواضة حق المرأة في لبنان بخصوص منحها الجنسية لأبنائها قائلة: “نحن أصعب بلد يمكن أن يحدث فيه تعديل على قانونه، بسبب الديمغرافيا والطائفية الموجودة فيه، حيث أن هناك تخوّفا من أن يغلب عدد الطائفة المسلمة على المسيحية نتيجة زواج الفلسطينيات من لبنانيين.” غير أن عواضة ترى أن هذه حجج واهية، لأن الدراسات أثبتت بأن نسبة الفلسطينيات المتزوجات من لبنانيين قليل جدا. وتعزو عواضة السبب إلى مبدأ التمييز ضد المرأة وعدم الاعتراف بحقوقها كاملة بمساواة الرجل داخل مجتمع ذكوري.
ويوضح الحقوقي المصري محمود قنديل وضع المرأة في منحها الجنسية لأبنائها في مصر، بالقول: “تم التعديل على القانون في مصر فقط فيما يتعلّق بحق الأم في إعطاء جنسيتها لأبنائها وعدم إعطائها لزوجها. ورغم ذلك لا يعد حقا يتم بصورة سريعة، إنما هو محاط بإجراءات بيروقراطية عقيمة قد تتجاوز العامّة”.”
أما على مستوى العالم العربي فيرى قنديل أن البعض يدّعي وجود تخوّفات سياسية متمثلة بفكرة تجنيس الفلسطينيين وتأثيره على حق العودة. ويقول: “بتقديري الشخصي هذه ما هي إلا محض افتراءات سياسية، لذلك يحق للمرأة إعطاء جنسيتها لأبنائها لأنه حق أصيل.”
وتقول الناشطة في مجال حقوق المرأة نعمة الحباشنة: “توجد عنصريّة ذكورية في العالم العربي بحيث أن الرجل هو المميز دائما ويحق له ما لا يحق لغيره، وإذا ما فعلت المرأة العربية شيئا يتم محاربتها”. وتضيف: “مقابل كل سيدة عربية متزوجة من أجنبي يوجد رجل عربي آخر متزوج من أجنبية، لذلك لا يحق لأي كان لوم المرأة.”
أما القانوني صخر الخصاونة فيقول: “إن إشكالية عدم التجنيس تشكل خرقا للقواعد المتعلقة بحقوق الإنسان وأهمها المساواة بين الرجل والمرأة بالحقوق والواجبات، كما أنها تشكل انتقاصا للمرأة من حقوقها خاصة في حال فشل زواجها من أجنبي أو مات زوجها”.
وأضاف الخصاونة بالقول: “ما يحدث هو بمثابة عقوبة تفرضها عليها دولتها لزواجها من أجنبي، مما يحول دون قدرة الأم على التعايش مع أطفالها في ظل الكثير من انتقاص هؤلاء الأطفال لحقوقهم المدنية، وتارة أخرى قد تفرض بعض الدول قيود لإقامة تلك الجنسيات مما يتطلب معه الحصول على أذون الإقامة لهؤلاء الأطفال.”
ويقصد بالجنسية الرابطة القانونية التي تربط الفرد بدولته، وبموجب هذا الرباط القانوني تتعين معالم التبعية القانونية وبها تتحدد حقوق واجبات الفرد داخل دولته.
وتثار في الوطن العربي إشكالية عدم تجنيس أبناء الأمهات العربية لجنسيتها، سواء كان المولود قد ولد في بلدها أو تجنيس الأبناء وفقا لحق الدم. وتتذرع الدول التي لا تعطي الحق لأبناء المواطنة بالحصول على جنسيتها بأسباب اجتماعية و سياسية أو اقتصادية، ودون النظر إلى البعد الإنساني الناجم عن عدم تجنيس تلك الفئات، إذ تعاني تلك الأمهات من المشاكل القانونية الناشئة عن عدم تجنيس أبنائها ومن أبسط تلك المشاكل عدم إتاحة التعليم المجاني، والعناية الصحية بالأطفال، وحرية التنقل، وأحيانا مشاكل تتعلق بالحضانة وغيرها.