جنسية بالتنقيط..

حمود أبو طالب

الملف الساخن الذي تناقشه «عكاظ» هذه الأيام عن معاناة أبناء السعوديات المتزوجات من غير سعوديين هو في الحقيقة الطبقة الطافية فوق طبقات عديدة من مشكلة لا يعرف حقيقتها إلا من يمر بسلسلة المتاعب التي تجعل من حياته أو حياتها جحيما. قبل فترة حدث تعديل طفيف في اللائحة التنفيذية لنظام منح الجنسية للمولودين في المملكة لأم سعودية وأب أجنبي، لكنه تعديل لا يمس أساس المشكلة ولا يعالجها في العمق، إنه مثل الدواء الذي لا تزيد فعاليته عن التعامل مع الأعراض فقط، لتبقى المشكلة قائمة تتوالد منها مشاكل مستقبلية عديدة.

قبل فترة قرأنا حوارا مع رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان تناول فيه هذا الملف وأشار إلى خطورة التأخر في معالجته بشكل إنساني، وأن الجمعية قدمت مقترحات بشأنه لوزارة الداخلية لكن لم يحدث تطور إيجابي باتجاه الحلول، مطالبا سمو الأمير محمد بن نايف بوضع هذا الملف في أولويات مواضيع الوزارة، ونحن نضم صوتنا معه لأنها قضية إنسانية بالدرجة الأولى. والحقيقة أنه من غير المفهوم لماذا يظل هذا الملف مشوبا بالتعقيد ومغلفا بالتعجيز.

فإذا ما تذكرنا نظام النقاط فإنه يتضح أن الجنسية لن يحصل عليها من خلاله إلا أقل القليل من المستحقين، وربما تكون حالات نادرة جدا تلك التي ينطبق عليها نظام «التنقيط»، وهنا يبرز السؤال الأهم المتمثل في ماذا يفعل المولود في هذا الوطن سواء لأم سعودية أو حتى لأبوين أجنبيين لكنه لا يعرف وطنا آخر ولا يريد غير هذا الوطن، لا سيما إذا كان متعلما وسجله السلوكي نظيف بما يجعله إضافة إيجابية للجنسية السعودية وليس عبئا عليها.

هناك حالات كثيرة من التشظي والشتات لأسر بيننا تواجه أشد المعاناة، وقد أنجبت أكثر من جيل في هذا الوطن لكنهم ما زالوا غرباء من حيث التعامل معهم، أما أبناء السعوديات من أجنبي فإنها حالة خاصة يتمثل فيها التمييز بشكل واضح لأن السعودي المتزوج من أجنبية تمضي أموره بسهولة من حيث تجنيس أبنائه، بينما السعودية محكومة بشروط تعجيزية قاهرة..

من الحكمة والإنسانية أن يعاد النظر بشكل جذري في هذا الملف الذي ما زال ساخنا ومؤلما..

المصدر: جريدة عكاظ