روضة فيصل– حور- مكة المكرمة: لا تزال معاناة السعوديات المتزوجات من أجانب وأبنائهن مستمرة من جراء ما يحصل لهم من مفارقات وتهميش وطمس للهوية واضطهاد، كونهم يعاملون بين أوساط البلد الذي نشؤوا وترعرعوا على أرضه “كأجانب” يمتهنون التوقف في طوابير الانتظار المنتقصة لحقوقهم، ويسعون جاهدين للبحث عن حلول وقرارات مجزيه تفيد حصولهم على الجنسية السعودية التي هي حق لأمهاتهم.
وعلى الرغم من التعديل الأخير الواقع على المادتين السابعة والثامنة من مواد اللائحة التنفيذية لنظام منح الجنسية السعودية الخاصة بالمولودين في المملكة لأم سعودية وأب أجنبي، خاصة فيما يتعلق ببند “جد الأم”، إلا أن البعض وجد أن التعديل خدم زوجات السعوديين أكثر من خدمته للمواطنات؛ مما شكل مفارقه جلية، والبعض الآخر أكد على تراجع فرص حصول أبناء السعوديات على الجنسية.
“حور” وقفت على معاناتهم واستمعت إلى آرائهم حول التعديلات الأخيرة.
وقالت دانة – ابنة لأم سعودية وأب أجنبي- ” لا بد من وجود حفيظة لجد الأم، ومن ليس لديه حفيظة نفوس لجد أمه لأبيها لن يحصل على الجنسية السعودية وإن كانت من إحدى القبائل السعودية”، معربةً عن حزنها لتعلق مصيرها بالبند الذي اعتبرته عائقًا كبيرًا أمام حصولها على الجنسية السعودية.
شروط صعبة ومعقدة :
وأبدت “رنيم” ابنة مواطنة سعودية متزوجة من أجنبي اندهاشها من شروط التعديلات في اللائحة التنفيذية من نظام الجنسية ووصفتها “بالصعبة والمعقدة”، حيث إنه وبدون بند جد الأم لن تكتمل السبع نقاط لدى الكثيرين فقد تكون الأم أحيانًا في عمر الستين والسبعين من أين لها ما يثبت جنسية والدها؟ مضيفةً أنها حتى وإن حصلت على الإثبات فعلى الأغلب قد يكون جد الأم توفى ولا يوجد من الشهود من عاصر زمن جد الأم.
وتمنت أن تكون هناك تعديلات أكثر تيسيرًا وعدلاً في حين يمنح أبناء المواطنات السعوديات المتزوجات من أجانب الجنسية، كما يتم منحها لأبناء المواطن السعودي المتزوج من أجنبية، أو تخيير أبنائهن عند بلوغ سن الرشد بين جنسية أبيهم أو جنسية أمهم، مضيفةً “فنحن لا نعرف غير المملكة وطنًا ولم تطأ أقدامنا أرضًا غير المملكة نتمنى خدمتها والإرتقاء بها لمصاف الدول المتقدمة”.
بند جد الأم .. لم ينصفنا :
فيما روت لينا قدوري (من أم سعودية وأب فلسطيني ولها ثلاث أخوات وأخ) لـ “حور” قصتها بقولها: “بدأت المعاناة ترافقنا بعد تخرجنا من الثانوية وبحثنا عن جامعة تقبل بنا”، مشيرةً إلا أنه تم رفضها وإغلاق الأبواب أمام مستقبلها هي وإحدى أخواتها، مضيفةً “ولرغبتنا الشديدة في إكمال دراستنا اضطرت والدتي أن تقوم بإرسالنا إلى الأردن، وعلى الرغم من صعوبة دخولنا إلى الأردن في ذلك الوقت إلا أننا استطعنا بحجة الدراسة حيث أصدرت لنا “الفيزا الدراسية””، مردفةً أنهما على الرغم من صعوبة التجربة وإرتفاع تكلفتها إلا أنهما تخرجت من كلية الصيدلة وعادتا إلى المملكة التي نشاتا وترعرعتا فيها، آملتين في حصولهما على وظائف تتناسب مع مؤهلهما العلمي.
وتابعت: “حينها كان النظام يلزم الفرد الأجنبي على الأقل خبرة سنتين حتى يستطيع العمل، ..ومن ثم التحقنا بوزارة الصحة وبحكم كوننا أجنبيات كان راتبنا 1990 ريال ومسمانا الوظيفي “مساعد صيدلاني” لأن مسمى “الصيدلاني” من حق المواطن السعودي فقط”.
وللتخلص من الإحساس بالظلم وضعف الراتب استقالت الأختان، وفوجئتا بعد استقالتهما أن الأجنبي يمنع منعًا باتا من العمل في السعودية ولمدة سنتين حالة إستقالته، فلم تجدا أمامهما سبيلا غير إكمال رحلتهما العلمية للحصول على شهادة الماجستير في دولة البحرين على حسابهما الخاص، وكانتا تقضيان الوقت بين الدراسة والعمل في آن واحد.
وتقول لينا في نهاية حديثها : “مازلنا نعمل في القطاع الخاص برواتب لا تتناسب مع تحصيلنا العلمي، ونطمح في الدكتوراه ولكن هيهات فالدكتوراه تكاليفها كبيرة لا نحتملها !! حتى الزواج بات حلمًا لا يمكننا تحقيقه فالتعديل الجديد وخاصة فيما يتعلق ببند جد الأم لم ينصفنا وأضاع هويتنا” .
ابنتي تعامل كأجنبية :
وتمنت أم وسام مواطنة وأم لأطفال غير سعوديين: أن تصب التعديلات الحديثة في مصلحة الشباب عامة، والفتيات بشكل خاص، لافتةً إلى إستثناء الفتيات من التعديلات سابقًا، مضيفةً “أنا سعودية الجنسية أبا عن جد، وقدمت لجميع أبنائي على الجنسية عند بلوغهم سن الرشد, فتم إصدار الموافقة على إعطاء الجنسية للأولاد الذكور في حين تم إستثناء إبنتي من الجنسية، وإعطائها ما يسمى بالبطاقة الخاصة لكي تعامل كمثيلاتها السعوديات, وهذا لم يتم على أي حال ولم تحقق البطاقة الأمل المنشود أبدًا ولم تعترف أي جهة حكومية أو خاصة بهذه البطاقة الصادرة ,حتى هذه اللحظة التي تمت ابنتي فيها 33 عامًا، وهي تعامل كأجنبية تمامًا في بلدها الأم والتي لم تخرج منه يومًا حسب الأنظمة المذكورة ! فهل هذا يعتبر عدلا ومساواة !”.
لجمعنا بدل السبعة سبعين نقطة !
من مكتب العمل, إلى وكالة الأحوال المدنية, إلى الأحوال المدنية, إلى ديوان الخدمة المدنية حتى وزاره الداخلية، تبريرات غير منطقيه ندفع ثمنها من عمرنا، لم يعد والدينا بتلك الصحة والعافية ليقوموا برعايتنا وأصبحنا نحن اليوم نقود الدفة لكن للأسف الدفة مكسورة”، بهذه العبارات الممتلئة بالغضب والأسى تحدث إلينا أحد أبناء المواطنات السعوديات حيث رأى أن تعديلات القرار الأخيرة أغلقت أمامهم الكثير من الأبواب، وتابع قائلا: “لو كنا نعلم أن النظام سيطبق لحرصنا أن نجمع بدل السبعة سبعين نقطة، لكن ما باليد حيلة ولا حول ولا قوة إلا بالله” .
البطاقات الخضراء .. مسكن موضعي !
من جانبه رأى المستشار القانوني الحسن بن ثابت: أن أكثر المستفيدين من التعديلات الأخيرة هم من سكان المنطقة الوسطى أو الجنوبية بحكم أصالة القبائل فيها، وأشار إلى أن هذه التعديلات لا تخدم سوى 1% من سكان المناطق الغربية و الشمالية و الشرقية، كما أنها لم توضح ما مصير “البنات” هل هن مثل “الأبناء” أم مازالت هناك بطاقات؟! لافتًا إلى أن: “البطاقات الخضراء ليست إلا مسكن موضعي لا تسمن و لا تغني من جوع !!”
التعديلات الجديدة لم تراعي الجانب التعليمي
وأضاف: إن عدد المتزوجات من غير سعوديين ما يقارب 750 ألف مواطنة سعودية مما نتج عنه حوالي 3 مليون نسمة ممن يعانون من عدم الحصول على الجنسية، وهم يعيشون في البلاد بصورة نظامية و تحت رحمة الكفلاء و الرسوم السنوية في ظل عدم منح الفرص المتكافئة للعيش، ففي حالة وفاة الأم “لا قدر الله” لا يرث الأبناء والزوج السكن الخاص بالعائلة والذي كان مصدقًا باسم الأم بسبب عدم حمل كافة أو بعض الأبناء الجنسية العربية السعودية مما يضر بكامل العائلة ويجعلها تلجأ لبيع منزلها، ومن ثم توزيع المال فيما بين أفرادها، كما لا يشمل أبناء المواطنة الذين لم يحصلوا على الجنسية الابتعاث الخارجي أو فرص العمل، في حين تمنح لإخوانهم المتجنسين، فالتعديلات الجديدة لم تراعي هذا الجانب ولم تراعي أيضًا الجانب التعليمي والمستوى الذي وصل إليه ابن أو ابنة المواطنة السعودية وساوت شهادة الثانوية بشهادة الماجستير.
حلول مقترحة :
كما اقترح ثابت سن قانون واضح يمنح الملفات السابقة والقديمة إلى تاريخه الأفضلية في منح الجنسية السعودية لأبناء المواطنات السعوديات المتزوجات من أجانب بموجب المادة الثامنة أسوة بإخوانهم ، وتسهيل الحصول على الجنسية في المستقبل للأبناء والبنات ممن يعيشون مع أمهاتهم في المملكة، بالإضافة إلى منح بنات المواطنات السعوديات الجنسية عوضًا عن البطاقات الخاصة بموجب المادة الثامنة التي لم تفرق بين الذكور والإناث.
وشدد على أهمية الإلتفات إلى أزواج المواطنات بتسهيل أمورهم الحياتية و التجارية، فإنهم يعولون أسرة كاملة احد عناصرها سعودي الأصل و بقية الأبناء و البنات مصيرهم سعوديين بالتجنس من طرف الأم .. فما زال الزوج يعامل كوافد حتى لو قضى هذا الزوج 50 سنة من الزواج في أسرة مستقرة، مفضلاً أن تكون له إقامة خاصة و تسهيلات في التجارة ولو تحدد بعد عدد من السنوات من الزواج و الإستقرار وان يتم ربطها بإستمرار الزواج، إضافةً إلى إعفائه من رسوم تجديد الإقامات له و لأبنائه.
بدورها توجهت “حور” إلى إدارة الأحوال المدنية بمنطقة مكة المكرمة للحصول على تصريحات حول التعديلات الجديدة لنظام الجنسية السعودية، والشكاوي الموجهة لها فيما يخص تأخر البت في المعاملات، أو إيقاف قبول طلبات التجنيس إلى تاريخ 15/1/1434هـ بحسب ما صرح به موظف خدمة العملاء بوكالة الأحوال المدنية بالرياض “قسم التجنيس” عند اتصال أحد أبناء المواطنات للاستفسار، إلا أن مدير الأحوال المدنية بمنطقة مكة المكرمة رفض الإدلاء بأي تصريح معللا ذلك : بـ” صدور تعميم يمنع الإدلاء بأي تصريح للصحفيين”.
وكانت “حور” قد بادرت في وقت سابق من شهر شعبان من العام الجاري بالتوجه إلى وزارة الخدمة للتحدث مع المتحدث الرسمي للوزارة وإرسال نص بالأسئلة المعدة من قبل مراسلة الصحيفة عبر الإيميل .. ولم يتم الرد.
يذكر أن “حور” كانت قد توجهت لهيئة حقوق الإنسان منذ تاريخ 12/ 8 /1433هـ لإبداء رأيها حول معاناة أبناء المواطنات السعوديات واستيائهم من قرار التعديلات الجديدة لنظام الجنسية السعودية خاصة فيما يتعلق ببند جد الأم، حيث تم الاتصال بالإدارة والتواصل مع عضو هيئة حقوق الإنسان والمستشار القانوني :خالد الفاخري ولم يتم الرد حتى الآن.