بقلم: د.علي بن حمزة العمري
هناك في اللغة مساحة هائلة للتعبير البليغ والأذوق في حياة الناس. والفن ليس في استخدام الكلمات المتقعرة، أو الميل حيث أسلوب المتفيقهين، بل الفن في استخدام الأسلوب الجميل الذي يدل على المعنى. وإذا كنا عرباً فإنا نعلم أن البلاغة: هي الكلام البليغ الصادر عن عاطفة، المؤثر في النفوس.
فيا ترى ما هو واقع هذه البلاغة، مع الكم الهائل من المصطلحات المعيبة في قاموسنا الاجتماعي؟!
فمن الموروثات والمصطلحات البائسة في مجتمعنا المحلي لفظة (الأجنبي) والتي لها دلائل خطيرة نفسية واجتماعية!
فكلمة أجنبي في اللغة تعني (البعيد منك في القرابة)، كما في لسان العرب، وعلى هذا المعنى فكلنا كبشر (أجانب) مع قوم دون قوم!!
فهل يعقل بعد هذا أن نصف الأقربين منا في الإنسانية بأنهم أجانب لمجرد أنهم غير سعوديين؟ وهل من اللباقة والكياسة أن نصف كل كائن إنساني ولد وعاش ودرَّس وربَّى أجيالاً من السعوديين بأنه أجنبي؟
هل لا نزال نحافظ على عقدة (الأنا) ونصف الآخرين بأنهم أقل منا شأناً؟
هل الوطن لا يعيش فيه عيشة كريمة حرة إلا من كان سعودي الأصل والمنشأ، أم من كان على مواطنة وشرف وديانة وأمانة؟!
هل يعقل أن يعلِّم الدكتور أو البروفسور (الأجنبي) – حسب التعبير – عشرين أو ثلاثين عاماً الأجيال تلو الأجيال من الشباب السعوديين، ثم لا يستطيع رغم عطائه الكبير، وتضحيته التي يشهد لها الجميع، أن يسجل ابنه أو ابنته في الجامعة، حتى ولو حصل الواحد منهم على 99%؟!
هل يعقل ألا يجد هؤلاء البشر، المواطنون بكل شرف، المقدِّرون للوطن، الموالون لمنطلقاته، الطائعون لولاته، أي مستشفى يعالج أبناءهم، ولو بالتخفيض؟!
إن لدى أصدقائنا في دول الخليج ما يدعو للابتهاج حين يعاملون أي مقيم داخل السعودية كأنه سعودي، تتم إجراءات دخوله عند المطار أو منفذ البلد بيسر، وينال التأشيرة في دقائق!
أبعد هذا الاحتفاء وعدم التفريق لأنه يسكن السعودية، لا يوجد ما نضرب به المثل للإسراع في مساندتهم وخدمة أهليهم؟
ألا نظن أنه بتلبية حاجاتهم الإنسانية، نرفع من مستوى أدائهم، ونقوي تنمية بلدنا؟
ألم نفكر جميعاً على جميع أصعدة المنشآت الحكومية وغير الحكومية كم فيها من عامل وبناء ومهندس وسائق وخبير ومعالج (غير سعوديين) كلهم كاليد الواحدة في أدنى أو أعلى مهنة، يسهمون في نهضة بلدنا ؟
ألا توجد كلمة غير (أجنبي) نرفع بها قيمتهم كمسلمين أو مقيمين، ثم ألا تجتهد وزاراتنا الموقرة للتفكير في أوضاعهم، فهم جزء من بلادنا، ومستعدون أن يضحوا لأجلها بالغالي والرخيص؟!
إن مصلحة الوطن، والتشرف برفعته ونهضته تاج على رؤوس العاملين، الذين لا يفكرون بلون أو جنسية!!